29 أكتوبر 2025
تسجيلكثيرة هي تلك اللحظات التي نتوقف بوسطها قبل أن تستوقفنا نحن وكل ما قد قدمناه وحققناه من إنجازات في حياتنا ولها وذلك؛ كي نبحث عنا فيها وبين طياتها، خاصة حين نشعر بأن كل ما قد قمنا به وصنعناه قد حل مكاننا بعد أن كان خلفنا، وكنا نسبقه بمسافة لا يُستهان بها، ولن تقل أبداً وإن تسابقت عليها الخطوات مبتلعة بعضها، والحق أن التواجد وهذه اللحظات يجعلنا نفكر ملياً بالكيفية التي وصلت بنا، والأسباب التي جعلتنا نجهل زمن الوصول، وهوية أحلامنا التي بدأت تتلاشى مع انحسار الوقت، وهو كل ما يجعل مواجهة هذه اللحظة من أصعب الأمور التي يمكن أن تؤثر على بقية حياتنا؛ لأننا وإن لم نُحسن المعالجة؛ لانتهى بنا الأمر حتى من قبل أن نبدأ، وندرك قيمة ما قد حققناه، أو نعرف هوية ما كنا نبحث عنه لنا من الأصل. لقد بدأت حديثي اليوم أيها الأحبة وهذا اللون من (حديث النفس عنها) بعد أن دفعتني إليه ثقتي التامة من أن منكم من يواجه (هذه اللحظات) في هذه اللحظات، ويشعر معها بضياع كبير، وإن شعر من قبل ذلك بأنه قد حقق الكثير مما يفخر به لنفسه، ولكنه وللأسف ما سيصل إليه حين يشعر بأنه ما عاد يدرك مكانته بين كل ما قد حققه، وهو ما قد عبث بطاقته فصار فارغاً يبحث عن شاحن يشحنه من جديد، ويعتقد بأنه ما سيكتسبه من محيطه؛ ليمتد اعتقاده بأنه أبعد من حدوده ذاك المحيط، وهو ما سيأخذه بعيداً عن الشاحن الحقيقي، الذي سيمده بالطاقة الفعلية التي يحتاج إليها، ولا يبتعد عنه بتاتاً، فهو ما لا يتجاوز حدود قلبه، الذي سيُشعله الحماس كلما زاد إيمانه بالله وجدده من خلال التقرب إليه، فوحده هذا الإيمان ما سيشحنه، وسيمد الحياة بألوان خلابة ستبهجه وستسعده؛ ليعطي أكثر ويستمر أكثر وأكثر، وهو ما يعني أن كل ما تحتاج إليه؛ كي تفعل كل ذلك هو العثور على تلك القطعة التي تفيض بالإيمان، وهو ما سيأخذك في رحلة إلى أعماقك بعيدة كل البعد عن السطح الذي لا يُعبر إلا عن القشور الواهية، التي ومن الممكن أن تكون تلك التي لا ولم ولن تعبر عنك بالشكل الذي يُرضيك، وهو ما قد سمح للأزمة بأن تحل على رأسك كمصيبة لا حل لها منذ (البداية) التي شعرت معها بحضور ما قد حققته وبغيابك عنه، فوصل بك الأمر إلى درجة أنك سترغب بالبحث عنك، وبصراحة فإن صعوبة هذه المواجهة التي تفرضها عليك تلك اللحظة ستخجل أمام إصرارك على خوض رحلة البحث عنك في أعماقك، وستتقلص كلما زاد عزمك وتبلدت مخاوفك من الفشل، وهو كل ما تحتاج إليه؛ كي تخرج بذاتك التي تبحث عنها وتحتاج إليها في هذه الحياة، التي تحتاج إليك بقدر ما تفعل، خاصة أن لكل فرد منا دوره الذي لن يقوم به سواه فيها، وهو ما سيأخذك ومن جديد؛ كي تعود إلى المسار الذي سيُبهجك سلكه مرة أخرى، ولا عيب من العودة أبداً إليه ذاك المسار، وإن كان ذلك من بعد محاولات عديدة لن تدرك النجاح وبسهولة، ولكن العيب كل العيب أن تدرك عجزك على العودة وتستمتع بذلك دون أن تُقدم على خطوة جديرة بالمحاولة، ولابد لك أن تقوم بها؛ كي تتفوق وتتميز وتتألق وبشكل لافت يليق بك ويوازي كل طموحاتك وأحلامك. وجودك اليوم وعلى رأس البقعة التي وصلت إليها يستحق منك محاسبة نفسك على كل ما قد حققته؛ لمعرفة النقطة التي وصلت إليها، وللتحقق من حجمك الحقيقي فيها، ولأخذ العبرة الحقيقية من كل ما كان منك في السابق، فما يهم قبل إنجاز ما تريده للمستقبل هو وجودك ضمن إطار الصورة التي تريدها لنفسك، وتلك البصمة التي ترغب بها، وتدرك بأنها ستميز عملك؛ لتتميز به على أنه خاصتك (أنت) دون غيرك من الناس، فهو الأثر الذي ستخلفه بعد رحيلك، والذي سيكتسب قوته؛ ليمتد من بعدك من قوة ما قد عرفته وعُرفت به في حياتك. من القلب وإليه ما قد وصلت إليه في حياتك ما هو إلا نتيجة حتمية لكل ما قد تقدمت به من قبل، فإن لم تكن تلك النتيجة لتُسعدك بشيء، وترغب بمضاعفتها فعليك بمضاعفة ما تبذله من جهود، بعد مراجعة خطتك التي كنت تسير عليها من قبل؛ لمعرفة مدى صلاحيتها مع القادم من أيامك، فإن ضاعفت الجهد، ومن قبله إيمانك، فكن على ثقة تامة بأنك ستحصد ما تريده كما تريد وكما يريد الله لك من قبل كل وأي شيء، وتذكر بأن ما سيساعدك على كسب المزيد هو شكر الله، وتقدير ذاتك لجهودك دون أن تستصغرها، فما يهم هو ما تراه أنت وتقتنع به لا ما يراه الآخر، الذي لا يدرك عنك بقدر ما تفعل. وأخيراً فليوفق الله الجميع، وليرحمك الله يا أبي.