12 سبتمبر 2025

تسجيل

غزّة.. من أقدم المدن التي عرفها التاريخ 2 - 3

30 مارس 2024

يحمل الكتاب دفاعاً قوياً عن تاريخ مدينة ما زالت تدفع أثمان مواقفها القومية، وتأكيد على جغرافية مدينة حاولت قوى دولية لها وزنها على الساحة العالمية السيطرة عليها. كما أنه يعيد الاعتبار لشعب غزة في المقاومة وعدم الانكسار. ويقول عارف العارف إنَّ الفلسطينيين تمكنوا من فتح غزة منذ أقدم أزمنة التاريخ، ويُظن أنه دخلت في حوزتهم قبل زمن إبراهيم، أي منذ نحو أربعين قرناً، واتخذوها حصناً منيعاً، لأنها على حدود فلسطين عرضة لهجمات المصريين من الجنوب والعمالقة من الشرق، والأمم الأخرى التي كانت تجاورهم كالآدوميين، وبني كلاب. ويؤكد المؤلف أنّ غزّة كانت أهمّ المدن الفلسطينية التي ذكرها التاريخ. كما أنّه يتحدث عن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يُبيّنُ بِأَنَّ الفلسطينيين حاربوا بني إسرائيل طويلاً، وقد كان بنو إسرائيل في تلك الأزمنة يعيشون في الجبال، والفلسطينيون في السهول، وكان بين الفريقين دوماً خصام، وهذا ما حدا بهم للاحتفاظ بقوة عسكرية هائلة؛ لئلا يبطش بهم بنو إسرائيل، وما كان هؤلاء ليستطيعوا أن يسيطروا على المدن الفلسطينية إلا في عهد داود وسليمان، وبالأحرى عندما فقد الفلسطينيون الشيء الكثير من سجاياهم الحربية، بسبب غزو القبائل التي كانت تغزوهم من الأنحاء الشمالية لجزيرة العرب. ويقول المؤلّف إنّه بالرجوع إلى أسفار العهد القديم، وجد أمثلة كثيرة تدل على ما كان بين بني إسرائيل وبين الفلسطينيين من كره وخصام، ويرى الكاتب أنّ كره بني إسرائيل كان موجها بشكل خاص إلى مدينة غزّة. ويشير المؤلف إلى أنَّ غزة لم تدخل في حكم بني إسرائيل إلا في أيام سليمان، الذي اعتلى الحكم بعد أبيه داود (960- 930 ق.م) فقد كان له جيش جرار. وأضاف الكاتب: في زمن (رحبعام بن سليمان) ضعفت شوكتهم، وما هي إلا برهة، حتى انقسموا إلى شيع وأسباط، وانقسمت البلاد إلى مملكتين: (إسرائيل) في الشمال و(يهوذا) في الجنوب، ومع أنَّ غزة كانت من نصيب يهوذا إلا أنها سرعان ما شقت عصا الطاعة عليهم، فناصبتهم، وناصبوها العداء، وعاد الفلسطينيون فاستولوا عليها. ويعود الكاتب للحديث عن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين بقوله إنَّ بني إسرائيل عند احتلالهم هذه الناحية من البلاد، فقد تمكنوا من تشتيت شمل الكنعانيين، والعناقيين، إلا أنهم لم يتمكنوا من قهر الفلسطينيين، فقد قاوموهم أشد مقاومة عرفها التاريخ، وكانت غزة من أمهات المدن الفلسطينية التي وقفت سداً منيعاً في وجوههم، وأبت الخضوع لحكمهم، فكان عداء، وكان خصام، وكانت الحرب سجالاً بين الفريقين: تارة تَغلب غزة، وطوراً تُغلب على أمرها، ويقول المؤلف إنَّ بني إسرائيل كانوا يعدونها شوكة في جسم مملكتهم. وقد استولى الآشوريون على غزة في عهد ملكهم (تيغلات بلاصر) الأول (1115-1077 ق.م)، كان ذلك في 734 ق.م، وكانوا يسمونها يومئذ (عزاتو)، فتحالفت مع مصر ضدهم، فعاد فرعون إليها، ثم جاءها (سرجون) بجيوشه الجرارة، فأخضعها، وأسر ملكها (حانون) عام 720 ق.م؛ لأنه طلب حماية الفراعنة، وقام سرجون بتوطيد سلطة الآشوريين فيها. ويوضح المؤلّف أن الآشوريين لم يكونوا يرمون إلى احتلال غزة، إنما كانوا يطمحون إلى جعلها بوابة يدخلون من خلالها إلى مصر وليبيا والحبشة، والبلاد الواقعة في حوض البحر الأحمر والأبيض المتوسط. كما دخلت فلسطين ومن ضمنها غزة تحت حكم ملوك بابل (سرجون الأكادي)، ثم ابنه (نارام سين). ويفصل الكاتب: لكنّ حكم هذين الملكين لم يعمّر طويلاً؛ إذ سرعان لم يترك المصريون لهم مجالاً للراحة. ويشير المؤلف إلى أنَّ نبوخذ نصر أراد أن يوطد حكمه في فلسطين فلم يجد ثمّة وسيلة لذلك سوى سبي اليهود، فسباهم وأقصاهم عنها إلى العراق، ثم هبط غزة 68 5 ق.م. وكانت غزة في عهد السيطرة البابلية مدينة كبيرة، غير أنها ما كانت يومئذ لتلعب دوراً كبيراً، كالدور الذي لعبته فيما بعد في السياسة الدولية.