13 سبتمبر 2025
تسجيلالزواج جزء أساسي في حياة الإنسان ولإعمار هذه الأرض ولنشأة جيل ذي نباتٍ حسن تقع واجباته ما بين المحافظة على الدين واتباع تعاليمه وترك الأثر الطيب لمن بعدهم من أجيال. إن الزواج ليس كما يعتقد البعض بإدراجه كنوع من الكماليات الواجب تنفيذها للواجهة الاجتماعية، وإن الاختيار يقع فقط لشهوة ولإعجاب في مظهر لكِلا الطرفين، ففي اختيار الشاب نتجه لحديث الرسول ﷺ (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) الجمال مُتطلب بلا خلاف، ولكن خلق الفتاة يغلب على جمالها، فقباحة الأخلاق تطفئ الجمال، وحُسن الخلق يبث المحبة ويُعطي جمالاً للفتاة، فأساس الاختيار يجب أن يقع في ما تحمله الفتاة من حسن تربية وأخلاق. وما يقع في شأن اختيار الفتاة، نرى هذا الحديث عنهﷺ ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) رواه الترمذي فأيضاً هُنا الوسامة قد تكون مُتطلبا ولكنها ليست الأساس في الاختيار، وما تصوره المسلسلات التلفزيونية في دقائقها المعدودة والمتصورة في الشاب الذي يُظهر فيه الجانب العاطفي المُحب الهائم، لتُصبح تلك الصورة هيّ شغف الفتاة في مواصفات الزوج متماثلاً فيما رأته!. إن كثيراً من حالات الطلاق الواقعة قد تكون لسوء الاختيار وتفضيل الجمال دون الاعتبارات الأُخرى، وبالطبع ليست جميع حالات الطلاق تكون لذات السبب، وعند حدوث خلاف وعدم التوصل إلى الصُلح فالآية الكريمة وضعت الحل المباشر لتلك العلاقة ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ ولكن للأسف ما نراه اليوم في محكمة الأُسرة من حالات خلافية ما بين الأزواج يشيبُ لها الرأس فأصبح التسريح بإحسان تسريحا بإذلال. أصبحت المنافسة بين الزوجين فيمن سيكون الجانب المُنتصر في المحاكم ومن سيحصد نقاط كسب حضانة الأطفال دون مراعاةٍ لحياة هؤلاء الأطفال، وأثر ذلك عليهم هذا بالإضافة إلى الخلافات والمشادات بين الزوجين على مسمع ومرأى الأطفال دون فكر ومراعاة لصغر سنهم والخوف من تأثير هذا الخلاف على نفسية الطفل ونشأته وعلى مستقبله التعليمي والأُسري والزوجي. لماذا أصبح بعض الرجال على الرغم من انتهاء العلاقة الزوجية الحميمية والأخلاقية بينه وبين زوجته متمسكاً بها ورافضاً للانفصال خاصة عند عدم رغبته في تصحيح مسار العلاقة الزوجية، ليكون الجواب حتى لا يُجبر على ما أقره الشرع عليه من نفقة على زوجته وأطفاله! لماذا أصبحت بعضُ الزوجات تجر وتذلُ زوجها في المحاكم لاحتضان الأطفال لا حباً فيهم، ولكن لكي تُثبت انتصارها وانتقامها من الزوج دون مراعاه للأثر النفسي السلبي على الأطفال!. هُناك من انتصر من الرجال في كسب حق احتضان الأطفال ولم يقم بواجبات الأب نحو أبنائه بل جعل أطفاله تحت رحمة وأوامر زوجته الجديدة. وكم هُناك من زوجة كسبت حق الحضانة ولم تقم بواجباتها نحو أطفالها، بل أصبحوا بعيدين عن ناظريها مُقيمين عند والديها وهيّ في عالم آخر بعيدة عنهم ! إن العلاقة الزوجية ليست علاقة صّد ورّد والبقاء للأقوى وهيّ ليست بعلاقة فرض السُلطة في المنزل والبحث عن طرق التحكم في الآخر، وهيّ ليست بعلاقة كيف نضع الأبناء في صف دون الآخر، ولا هيّ بعلاقة مبنية على البيع والشراء والتعالي والدونية، بل هيّ علاقة رحمة ومودة هيّ نعمة ورزق من الله لحياة مُستقرة لمن قدر وأحسن شكر تلك النعمة. إن بناء عائلة سليمة هو الهدف من الحياة الزوجية، وإن زرع الأخلاق والفضيلة في الأبناء هو ما يبني البِرّ فيهم وذلك عوناً لوالديهم في هذه الحياة الدُنيا وصدقة جارية بعد مُغادرتهم لهذه الأرض بالدعاء والعمل الصالح في ثوابهم، وإن هذه الأخلاق هيّ من تُنشئ لهم عائلة مبنية على أُسس سليمة، وحتى في حال الخلاف والوصول إلى نقطة الانفصال فستجد أثر التربية متواجدة حتى في هذا الأمر ليكون ( سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ). أخيراً إن ما نقوم بزرعهِ اليوم سنحصد ثِمارهُ في الغد، فلك أن تُحدد نوع ثمارك، فإن زرعت خبيثا حصدت وبال خُبثك، وإن زرعت خيراً ستحصد ثمار ذلك الخير في الدُنيا والآخرة. bosuodaa@