13 سبتمبر 2025
تسجيلفاجأني معرض الفنان العراقي الأسبوع الجاري في كتارا بتحوّلاته من التجريد إلى التعبيرية، في منحوتاته الجديدة واشتغاله على الكتلة بعدما قضى مرحلة يطوّع فيها الحديد في تشكيلات ذات نزوع نخبوي تجريدي تضارع آفاق التشكيل العالمي.في معرضه الجديد، تحضر الأحداث الجارية في أعماله، فالفنان مهموم و"متعب بعروبته" الحاضرة في بلاد العرب في عقابيل الربيع العربي وانعكاساته وتبعاته، ثمة كتل ذات طاقة تعبيرية تقترب من المتلقي، ومنحوتات تجمع بين روح الجمال وموضوعة الكاريكاتير السياسي، وبإضافات لونية مختلفة وجريئة في أكثر من عمل. رغم هيمنة الأبيض والبرونزي على مجمل الأعمال.تهيمن منحوتة الحمار في أعمال كثيرة، بدلالاته المعروفة، مضافة إلى أعمال عالمية كحمار رودان، وثمة الحمار العاشق الذي يذكرنا بالبغل العاشق عند عزيز نيسن، والحمار الصاعد الذي يحيلنا إلى صعود سيزيف. وفي المقابل تهيمن منحوتة الدكتاتور في الطرف الآخر، في منحوتة "سيلفي الربيع العربي". وكأن البحراني يشير إلى أنّ بلادنا محكومة بالعسكرة التي لن تغيب عنها الشمس.وتلتقي المنحوتتان في غير عمل، لتشير إلى تحوّل النحات العراقي البارع إلى هموم الجماهير العريضة في العراق الذي لا يزال يعاني عقابيل الغزو وارتهانات الحكم الوطني إلى الطائفية وأمراضها. ولعلّ المتابع سيلحظ اهتمام البحراني بالأبيض في أكثر من منحوتة، وبخاصة بعمله القطيع والدبابة، في مشغولات تجمع بين تطويع الحديد وتمكين الصلصال.يمكن القول إنّ تأثير الربيع العربي في الأدب والفنّ لا يزال مبكّرًا، ولكنها نبّهت المبدعين أنّ لغة الشارع تجاوزتهم، وهذا ما صرنا نلمحه في الشعر والقصّة، ولكن أن تشاهد تحوّلات فنّان بحجم البحراني، فهذا يفتح الباب أم تساؤلات تنتظر الكثير الإجابات، وإن لم أكن مختصًّا في عالم التشكيل، فقد وجدت في معرض البحراني على الأقل استجابة لذائقة الجمهور وحاجته، في فنّ يلامس همومه ويلهمه الطريق إلى الحياة والأمل.