29 أكتوبر 2025

تسجيل

أوروبا ما بعد بروكسل!

30 مارس 2016

في مثل هذه الأوقات العام الماضي، كانت العاصمة البلجيكية بروكسيـــــــل تلبس الأبيض وتتوج بالزهور الحمراء؛ لاستقبال احتفالات افتتاح أكبر مسجد في العاصمة الأوروبية، "مسجد السليمية" الجديد، واليوم تتغطى بالسواد وتمسح دموعها، وتغسل الدماء المتناثرة في شوارعها، وتدفن ضحاياها وتعلن الحداد بسبب الهجمات الإرهابية التي أصابت قلب أوروبا النابض في مقتل، والتي استهدفت مطار بروكسل، وإحدى محطات المترو، ولتتحول العواصم الأوروبية تباعا إلى ساحة مفتوحة من ساحات الحرب على الإرهاب! لتصبح رابع عاصمة أوروبية تتعرّض لهجمات إرهابية بعد مدريد في مارس/ آذار 2004 ولندن في 2005 وباريس في 2015. وتعود أصابع الاتهام مرة تلو الأخرى تشير إلى العرب والجاليات المسلمة في مختلف مناطق العالم، ويعود الربط ما بين الإرهاب وتعاليم الدين وطبيعة الثقافة والتربية والموقع الجغرافي الصحراوي والغلو والتطرف والديكتاتورية وفشل المجتمع والدولة في العواصم العربية؟!إحصائيات الهجمات الإرهابية في العالم مرعبة ومخيفة، التقرير الأخير لــ"المؤشر العالمي للإرهاب"، يذكر أن غالبية ضحايا العمليات الإرهابية يتركزون في خمس من الدول ذات الأغلبية المسلمة، في مقدمتها العراق. وأن عدد الضحايا في أنحاء العالم ارتفع بنسبة 80 في المائة، مقارنة بالعام الذي سبقه، وهو أعلى مستوى يسجل في التاريخ. ويقدر التقرير أن الكلفة الاقتصادية للإرهاب تصل إلى نحو 53 مليارا، وهي أعلى كلفة على الإطلاق، وزادت 10 أضعاف منذ عام 2000. وتشير التقارير الإعلامية الأخيرة إلى أن تنظيم "داعش" نجح في تجنيد المئات، من الشبان العرب والمسلمين في القارة الأوروبية، من خلال الاتصال والتجنيد المباشر وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأرسل لهم الأموال ووفر لهم التدريب على كيفية صنع المتفجرات والأحزمة الناسفة. وهم أشبه بشبكة من الخلايا العنقودية والخلايا النائمة تتحرك وتنتشر في عدة عواصم أوروبية.أوروبا اليوم ما بعد بروكسل تواجه تحديات غير مسبوقة، وهي مضطرة لإعادة النظر في كثير من سياساتها وقوانينها وتشريعاتها الأمنية الداخلية والخارجية؛ لمواجهة الإرهاب وتداعياته وشخوصه، والخوف أن يدفع الثمن الباهظ الأبرياء والجاليات المهاجرة واللاجئون الذين لا ذنب لهم، غير الأقدار التي رمتهم على الشواطئ الأوروبية؛ هربا من الاستبداد والفقر والقتل على الهوية!!