14 سبتمبر 2025
تسجيلالأبواقُ من بعضِ أشقائِـنا العربِ لم يدركوا بعدُ أنَّ تنظيمَ بلادِنا لـمونديالِ 2022 م أصبحَ واقعاً يفوقُ قدرتَـهم على الـمَساسِ به، و لم يفهموا أنَّـنا لا ننظرُ إليهِ كإنجازٍ قطريٍّ وإنما كـمَفخرةٍ للإنسانِ العربيِّ من الخليجِ إلى الـمحيطِ، و أنَّ القلبَ القطريَّ يضمُّ في حَناياهُ الشقيقَ العربيَّ في مدنِـهِ وقُراهُ وبواديهِ. عندما تخرجُ الصحافةُ والإعلامُ في الشقيقةِ العربيةِ الكبرى بهجماتٍ متلاحقةٍ من الشتائمِ والقَيءِ الوطنيِّ العنصريِّ علينا، فإننا لا نلتفتُ إليهما لإدراكنا أنْ تأثيرَهما الجماهيريَّ معدومٌ، وأنهما مجردُ مجموعةٍ من الأبواقِ التي تَـتَـغَـنَّى بما يريدُهُ مَـنْ يدفعُ أكثرَ. لكننا نُدهَشُ، على سبيل الـمثالِ، من جريدة السفيرِ اللبنانيةِ التي عرفناها طوالَ تاريخِـها منبراً قومياً عربياً، عندما تتباكى على العَمالةِ الوافدةِ وتنقلُ عن صحفٍ غربيةٍ أخباراً تُسيءُ للإنسانِ العربيِّ، ولكننا لا نستغربُ ذلك من صحافةٍ لا تلتفتُ إلى مآسي أشقائنا السوريين اللاجئين في لبنان، و لا ننتظرُ منها بالتالي موقفاً يساندُ بلادَنا في سعيها لإقامة الـمونديال كإنجازٍ عربيٍّ . أما الأكثرُ غرابةً وإيلاماً، فهو ما خرجتْ به جريدةُ الرياضيةِ السعوديةِ من أكاذيبَ تمسُّنا، نقلتْها عن صحيفةٍ إنجليزيةٍ بعد أنْ غَـيَّرَتْ في الترجمةِ وأضافتْ الكثيرَ من عندِها لتُسيءَ إلينا، وتشغلَـنا عن جهودِنا للإعدادِ للمونديالِ، ولكن ذلك حلمٌ في أذهانِ مَنْ يتغافلون عن شخصيةِ الإنسانِ القطريِّ الـمُبدعِ الـمُتفاني في سبيلِ وطنِـهِ وأمتِـهِ . كم يؤلـمُنا عندما نُقارنُ ما تكتبونَـهُ بما يُنْـشَرُ في الصحافةِ الآسيويةِ الناطقةِ بالإنجليزيةِ، ومنها بخاصةٍ الهنديةُ والصينية، حيث نجدُ فيها اهتماماً بالغاً بالحقائقِ، ونقرأ تحليلاتٍ وأخباراً عن مشاركاتِ شركاتِـها الكبرى بعُمالِـها ومُـعَـدَّاتِـها و رؤوسِ أموالِـها في الـمشاريعِ الـموندياليةِ الضخمةِ التي تُقامُ في بلادِنا، ونلاحظُ أنَّ انتقاداتِها لا تتعلقُ إلا ببعضِ الاجراءاتِ الإداريةِ، ولكنها تُثني على الجانبِ الإنسانيِّ الرفيعِ في التعاملِ مع العَـمالةِ الوافدةِ، والقوانين العُمَّالية التي قَلَّ نظيرُها في كثيرٍ من دولِـنا العربية . والله، يا أشقاءَنا، لا يُؤثِّـرُ فينا أنْ تنتقدوا وتتحدثوا كما تشاؤون، ولا نعتب عليكم لأننا اعتدنا على القبول بالرأي الآخر واحترامِـهِ وتقديرِ صاحبِـهِ، لكنكم تُسيئونَ إلى أنفسِـكُـم عندما تَـتَـبَـنُّـونَ قضايا لا وجودَ واقعياً لها، وهو أمرٌ يدفعُنا للتساؤلِ عَـمَّا يُضايقُـكم في تنظيمِـنا للمونديالِ، وإصرارِنا على أنَّ فوائدَهُ الاقتصاديةَ والسياسيةَ والإعلاميةَ ستعودُ بالخيرِ على كلِّ عربيٍّ، ونستغربُ هذا الغُلُـوَّ في الإساءةِ إلينا، شعباً وقيادةً . ولا نجد تفسيراً إلا أنَّ مُخَـيِّـلَتَـكُم مريضةٌ بالوسواسِ القَهريِّ بأنَّ بلادَنا الصغيرةَ مساحةً، كبيرةٌ في مواقفِـها الـمَبدئيةِ ورعايتِـها لإنسانِـها الـمواطنِ وشقيقِـهِ الإنسانِ الـمقيم . يا أشقاءنا، قطرُ شامخةٌ، وشعبُها ملتفٌّ حول القامةِ الـمُنتصبةِ لسموِّ الأميرِ الـمُفدى، وتتحدث بلغةٍ الإنسانيةِ والعروبةِ، و ليس ذنبها أنَّكم تناسيتم مفرداتِ هذه اللغة .