13 سبتمبر 2025

تسجيل

رفقاً بهــــما

30 يناير 2022

فما أيسر "أف" حين تقولها تُبكي فؤاد والديـك ويكتوي ألف تدمي الروع بنصـــــــــلها وفاء تلهب القلب ويصطلي أم لو طالت وهبتك عينـــها وأبُ ساق السمــــــــــاء لترتوي دائماً ما يميل المستشارون الأسريون والتربويون إلى التحدث عن أسس التربية الناجحة، والتوجه بالخطاب إلى الآباء وأعني بالآباء الوالدين (الأم والأب) نحو طرق التربية السليمة، ويؤولون سبب مشكلات الأولاد إلى أساليب التربية الخاطئة في الصغر، وهذا التفسير صحيح في أغلب الأحيان بجانب أمور عدة كثيرة، على أنه ينبغي التطرق قليلاً بل كثيراً إلى أساليب معاملة الآباء التي أمرنا بها ديننا الحنيف، وقد لا يخفى علينا جميعاً رغبة الآباء في إنبات أبنائهم نباتاً حسناً وتنشئتهم بأحسن مما تربوا عليه في طفولتهم وتجنيبهم الاختبارات السيئة التي مروا بها أثناء صغرهم، ولذلك فهم يبذلون قصارى جهدهم في منحهم أفضل ما اكتسبوه من خبرات وتجارب، ويتسابقون في تقديم الأفضل دوماً لأبنائهم، في حين ان الحقيقة التي يجب أن تصل إلى الأبناء أن آباءهم ما هم إلا بشر، ليسوا مثاليين، يجتهدون، ربما يصيبون أو يخطئون، بينما نيتهم دائماً هي الخير لهؤلاء الأبناء، وقد قدموا لهم أسمى ما كانوا يعتقدون، فليس من الإنصاف أن نشير بإصبع الاتهام الغليظ لهم دائماً دون أن نضع هذه الحقيقة في أذهان الأبناء. ولعل اختلاف سلوكيات وطبيعة الأبناء رغم تنشئتهم في البيت الواحد، يعود إلى تدارك الآباء لأساليبهم ومعتقداتهم غير الصحيحة وغير المجدية في تربية الأبناء الأكبر سناً، ولذا تتباين شخصياتهم وقدراتهم ومهاراتهم وتظهر الفوارق بين الأبناء، أضف إلى ذلك، وجود الإخوة الذي قد يؤثر أيضاً في تنشئة الطفل، فعندما يكون للطفل إخوة أكبر منه سناً فهم يساهمون بشكل أو بآخر في تربيته، فالتفاعل بين الإخوة يؤثر في طريقة تشكيل الطفل وتهذيبه يقول الله تعالى "وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا"، وهنا دعوة إلى التواضع لهما ذلاً ورحمة فيكفيهما صبرا على تربيتك طفلا صغيرا لا حول لك ولا قوة، وقد جاء التعبير القرآني بوصف التربية في الصغر وهنا دلالة على أن دور الآباء أعظم في مرحلة الطفولة حين لا يكون الطفل قادراً على الاعتماد على نفسه، فيعلمانه مبادئ الحياة لينهض على قدميه، ليعينهم عليها، لا ليقف في وجههما، ويجلب لهما ما يشقيهما، ويحزن أفئدتهما، فعندما يبلغ الإنسان أشده ويبدأ لديه الوعي بشخصيته وسلوكياته وجب عليه أن يحسّن ويطور منهما، ولا يؤذي والديه بإلقاء اللوم عليهما فيما لم يستطيعا تقديمه له في تربيته، فيحملهما فوق طاقتهما، فقد بذلا كما ذكرت آنفا ما بوسعهما، مما ارتأيا أنه صحيح في ذلك الوقت، فمهما حدث من والديك، فما لك إلا تقديم الشكر والعرفان لهما يقول المولى عز وجل "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ". ومن هذه الزاوية المهمة في إدراك قدرات الوالدين في تربية أبنائهم، ينبغي على المهتمين بشؤون الأسرة الاهتمام بتحويل الخطاب بين الفينة والأخرى نحو الأبناء، وذلك لتوعية الأبناء بمنزلة الآباء، وضرورة الإحسان بالبر والطاعة وإظهار التقدير والاحترام لهما، وإحسان الظن والتماس الأعذار لهما، ومسامحتهما على ما وقع منهما من أخطاء دون وعي منهما، وقد يحدث أن يخلط الأبناء بين حدود الصداقة التي قد تجمعهما بوالديهما، فيختفي ذلك الخط بين الصداقة والأبوة والأمومة، مما يؤدي إلى نتائج عكسية غير مرغوب بها، ولا أنفي هنا أيضاً ضرورة تثقيف الآباء بأنماط التربية الصحيحة والابتعاد عن الاستبدادية والتسلط أو التساهل والتربية القائمة على عدم المشاركة، حيث إن أسلوب التربية الموثوقة هي أفضل أساليب التربية، إلا أن استخدام نهج تربوي متنوع وباعتدال هو الأفضل. دمتم بود [email protected]