12 سبتمبر 2025

تسجيل

عقدة الأفضل

11 ديسمبر 2022

الرؤية والرسالة من اهم الأمور التي يجب أن يحددها الفرد في بداية طريقه، فهما المصب الذي تتجه إليه كافة جهوده، وتتماهى بينهما أفعاله، لذا يتحتم أن تكون رؤية إيجابية، واضحة، شاملة وعامة يأمل أن ينجزها قبل انطواء كتاب العمر، بالإضافة إلى رسالة سامية يفني فيها وقته وقوته في محاولة إيصالها خلال مسيرته القصيرة، فكم من المؤلم أن يمر الإنسان على هذه الدنيا، دون أن يفكر حتى مجرد التفكير في تبني رؤية أو تصور أفضل للمجتمع بل للعالم والإنسانية. وها نحن مطالبنا من الحياة لا تنتهي، فمعظمنا لديه من الأحلام والمشاريع المستقبلية التي يتطلع إليها، والبعض يسعى ويتنافس ليصبح ذؤابة قومه، فاللاهثون في عالم المال يحاولون جهداً أن يزرعوا أسماءهم في تربته، وهناك الساعون للمكانة والسلطة، يتسلقون أعتى جبالها علهم يتحسسون أطراف السماء، فيفترشون غيومها، ليصلوا إلى إحساس النشوة الذي يحلمون به، وآخرون رأوا في طريق العلم ما يعينهم على بلوغ سنام الرفعة والوجاهة، بل إن إحساس التنافس لبلوغ الأفضل طال العلاقات ومنها العلاقات بين الأسر والمجتمع الأصغر. اختلفت الطرق والوجهة واحدة ! وجميع من في هذا المسير، يتقاتل نحو الأفضل والأكمل، ولكن ما هو الأفضل ؟ وما هو الأحسن ؟ وما مقياس الأفضل هذا والأحسن ؟ وما غايته ؟ أهو المال ونفوذه ؟ أم الوجاهة وسلطتها ؟ أم العلم ومنزلته ؟! أم الشهرة وتأثيرها ؟ أم هو شعور التخدير المؤقت الذي يمنحه مفهوم التملك، ليرضي الإحساس بانخفاض تقدير الذات ؟! إن مقياس الأفضل يظل نسبيا، فما تعتبره أنت أفضل وأجمل يعتبره غيرك عكس ذلك، فعلى سبيل المثال إذا حصلت على منصب أعلى، مدير مثلاً، فهذا أفضل بالنسبة لك، ولكن إذا كنت مديراً سيئاً فهذا ليس الأفضل مطلقاً، وإذا كنت تملك المال والنفوذ فتراه الأفضل، بينما لا تحسن استخدامه فهو الأسوأ على الإطلاق، والأفضل أن تملك العلم، أما الأسوأ إذا كتمته ولم تكن تعمل به، وأما إذا كنت مشهوراً فمن المؤكد أنك ترى ذلك الأفضل، بينما إذا كنت تقدم محتوى فارغا وعقيما تافها، فهذا والله السوء بعينه. وماذا بعد ذلك ؟! لنفترض أيها الإنسان إنك حصلت على مجموع 10 في كل شيء، ونجحت في لفت أنظار المجتمع إليك، ولسان حالك يقول التفتوا لقد مررت من هنا ؟ وماذا بعد ذلك ؟ أهذا جل مطالبك وغاية أهدافك ؟ إن كان هذا ما تحلم به فالإجابة واضحة، ولكن دعني أتساءل هنا ما الذي ستقدمه للبشرية من هذا المكان ؟ هل كانت تلك غايتك التي يفترض أن تفوق أنانيتك ؟ طالما لم تكن تلك غايتك فما فائدة وصولك سوى إضافة عبء آخر على البشر، لتعلم أن ليس كل الإنسانية تنظر إليك بعين الاحترام والتقدير إن لم تقدر احتياجاتها وتمضي في استقامة حقوقها. إن لم تكن غايتك خدمة البشرية بمالك وجاهك وعلمك فلتتنح عن هذا التسابق الذي لا طائلة منه، فلعلك أكثر فائدة وعلوا ومكانة وأنت تهتم بشؤونك، وتطوير ذاتك، وخدمة الآخرين بما في استطاعتك، وإن كان عظيم ما تملكه ابتسامة ! لست هنا لأقلل من طموحاتك، وثنيك عن السعي فيما تتوق إليه نفسك، ولكن إن كانت غايتك هي الوصول فقط لترى معالم صورتك في مرآة وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، لتسكت صرخات تلك الرغبة في حب الظهور فقد نبا بصرك عن الصواب ! إن كنت تطمح للأفضل والأحسن وهذا حق مشروع للجميع فليكن، ولتكن بغيتك رؤية أعظم من ذاتك، ورسالة لمجتمع كامل، ولتتخذ سبلاً ووسائل مشروعة، ولتعترف بالآخر الأكفأ والأكثر استحقاقاً، فغايتك أعظم وأشمل، وطريقك أنقى وأطهر من سباق ترمي فيه الآخرون بالحجارة لتقف على كتوف أحلامهم وجهودهم. ونحن الآن نعيش أحداثا رياضية مهمة، تظافرت لها الجهود، وتبتهج بها القلوب، فكيف ستضيف لهذا الحدث من موقعك ؟ وماهي رؤيتك في الاستفادة من هذا الحدث وانعكاساته على أسرتك ومجتمعك ؟ وماهي الرسالة التي يمكن أن توصلها للعالم أجمع ؟