11 سبتمبر 2025
تسجيليلعب المتطوعون دوراً كبيراً في بطولة كأس العالم، فهم يقدمون الدعم الجلي لإنجاح البطولة، سواء كان ذلك في الملاعب أو في الفعاليات المصاحبة أو في الجوانب التشغيلية، فهم يشكلون إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها البطولة، وقد جاؤوا من مختلف أنحاء العالم ليقدموا جهودهم للمساهمة في الحدث الرياضي الأكبر على مستوى العالم، يقودهم الشغف والإثارة والحب، قدموا من جنسيات وثقافات مختلفة ومتعددة، ليوظفوا قدراتهم في تنظيم هذا الحدث، وليضيفوا خبرات جديدة إلى مستودع خبراتهم. وقد اهتمت اللجنة المنظمة مشكورة باختيار المتطوعين بعناية، وأولت اهتماماً كبيراً في تدريبهم وتأهيلهم وفق برنامج التطوع الذي أعدته بجودة عالية، لتمكينهم من أداء أدوارهم على أكمل وجه، وهذا يشجع المتطوعين على إعادة تجربة التطوع في الدولة في مختلف المناسبات. ومن المؤكد أن هؤلاء المتطوعين كانوا يخططون للمشاركة في هذا المونديال الاستثنائي بجميع المقاييس منذ وقت طويل، حيث نظموا أوقاتهم، وهيأوا ظروفهم لتفريغ أنفسهم للعمل التطوعي، فبعضهم تحمل مشاق السفر من بلده البعيد، ونسقوا أوقات إجازاتهم بما لا يتعارض مع وقت البطولة، والبعض الآخر، قسم وقته بين عمله الأصلي وبين عمله التطوعي، والطلاب منهم استثمروا أوقات العطلة في عمل مفيد وتجربة شغوفة . وقد لاحظت عن قرب تميز هذا الفريق التطوعي، فهم في عملهم مخلصون، يبادرون بالمساعدة، يتقلدون الابتسامة، ويتأزرون حب العطاء، مهما كان دورهم مضجراً، فبعضهم يقف فقط طوال ثماني ساعات في الملاعب ليوجه الجمهور، ويراقب النظام، والآخر يقف ليحمل فقط علامة توجيهية يرشد بها الجموع، وآخرون يقدمون المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى هؤلاء الذين يعملون في المناطق اللوجستية وخلف المكاتب، ومع ذلك لم يتخلوا عن روح الدعابة وملامح السرور. وكان لهذا أثره على الجمهور الذي تفاعل معهم بشكل ملاحظ، حيث حرص الجمهور على ملاطفتهم ومداعبتهم وتشجيعهم، والتصوير معهم، كنوع من الثناء والشكر والتقدير على جهودهم ورفع روحهم المعنوية، حقيقة يستحق هذا الفريق أن يكون الحصان الأسود في هذا المونديال، فهو الفائز الذي تعول عليه البطولة وهو الرابح الذي يرقى بمستوى الحدث وخير رسول للمحبة والعطاء والتسامح. بينما يقابلهم البعض بوجه بارد، متجهم، متغافلاً وجودهم، وكأنهم نكرة، يبخل عليهم بالابتسامة أو بعبارة تحفزهم وتدعم عطاءهم في عملهم، ومن المشين أن تصدر مثل هذه الأفعال من بعض مسؤوليهم، فيفترض أن يكونوا الأقرب لهم، والأكثر تفهماً واحتواءً لجهودهم والأكثر حرصاً على مشاعرهم، فبعض المسؤولين يتجاهل وجود المتطوع ويشعره بأنه أقل شأناً ومقاماً، بينما العكس هو الصحيح، فإن كنت تقبض أجراً نظير عملك، فالمتطوع يقدم جهوده بدون أجر وبحب وإخلاص ورغبة في المشاركة المثمرة. المتطوعون يمثلون القلب النابض للبطولة، وقد قدموا من مختلف أرجاء العالم، ومعاملتهم بطيبة واحترام وتقدير، ومد جسور التواصل معهم، والاستماع لهم، ومنحهم المجال للتعبير عن آرائهم، يعكس مدى اهتمامنا بهم ومدى تثميننا للدور الذي يقومون به، ويعبر لهم عن مدى ترحيبنا بتواجدهم، ويمنحنا الفرصة لنعبر عن المهنية والاحترافية في الإدارة الراقية، والتعامل الأخلاقي الذي حثنا عليه ديننا الحنيف، فالدين معاملة، وأنت في موقعك كمسؤول على هذه الفئات، تحمل المسؤولية في ترك انطباع جيد في نفوسهم، وتساهم في إبراز مبادئ وسمات الإسلام وتقاليد المجتمع وثقافته.