18 سبتمبر 2025
تسجيلمؤشر التنمية بعد مرحلة الثورات في الدول العربية في تراجع وتدهور.. ولم يكن الحال أفضل من قبل. وهي نتيجة حتمية للخروج من مرحلة الاستبداد وإفرازاتها. تقرير صندوق النقد الدولي يشير إلى أن الوضع الاقتصادي في مصر وليبيا وتونس أصبح أسوأ وازداد معدل الفقر بين سكانها. وتبلغ الخسارة في الناتج الاجمالى الاقتصادي في الدول الثلاث بين عامي 2011 و2015 أكثر من 225 مليار دولار وهو يعادل على الأقل 10 % من الناتج المحلي الإجمالي. التراجع ليس على الصعيد الاقتصادي، فالسياسة والثقافة والفكر والتربية والأخلاق وقيم المجتمع وبناء مؤسساته تعاني بنفس الدرجة. بات من الضروري أن تدرس وتتعلم "دول الربيع" من التجارب التنموية الناجحة في الدول الأخرى في العالم الثالث وفي مقدمتها اليابان والصين والهند وبقية "النمور الآسيوية"، التي استطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا في بناء نماذج توفيقية من الأصالة والحداثة، الماضي والحاضر، العادات والتقاليد والقيم الحضارية، وبناء ثقافة ديمقراطية حقيقية، والتركيز على التنمية المستدامة وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني. ربما تكون اكبر الإشكاليات التي تواجه "دول الربيع" هي تكرر نموذج الاستبداد والإقصاء والانفراد بالسلطة وصناعة القرار المصيري بشكل أحادي. العاهل الأردني أشار في مقابلة مع مجلة "لونوفيل اوبزرفاتور" الفرنسية الى أن ما يخشاه ليس فوز الإخوان في الانتخابات، بل احتمال تقويض التعددية ومبدأ تداول السلطة عندما تفوز جماعة ما في الانتخابات، ثم تستخدم سلطتها لتغيير قوانين اللعبة لصالحها وتبقى في السلطة حتى بعدما تفقد شعبيتها وشرعيتها. السيناريو الأبشع أن يخرج العالم العربي من سجون الأنظمة الحاكمة الأحادية العائلية والعشائرية والحزبية، ليقع في مستنقع جماعات أيديولوجية شيفونية ترفع شعار الوطنية أو القومية أو تلبس عباءة الدين أو ترتدي عمامة المذهبية. البناء والتعمير يعتبر الغاية الكبرى من قيام الثورات ونجاحها كمحصلة نهائية. وهو يحتاج إلى تضافر جميع الجهود، تقوم على صياغة عقد جديد يعالج مسألة الوطن والمواطن في أبجديات الثقافة العربية المتهرئة والممزقة، للتخلص من العقد الطائفية والحزبية والقبلية والدينية والمذهبية، وإحلال وتفعيل مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان والأقليات والحريات وسيادة القانون والدستور وحق المساواة والمشاركة للجميع بلا استثناء.