18 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصادات الصاعدة في دافوس 2011

30 يناير 2011

نجحت الجهات المنظمة وفي مقدمتها كلوس شواب في اختيار العبارة (الحقيقة الجديدة والمعايير المشتركة) عنوانا لمنتدى دافوس 2011. باختصار، تشير هذه العبارة للاقتصادات الصاعدة وخصوصا الصين والهند وروسيا والبرازيل.وكان لافتا إلقاء الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف كلمة في افتتاح المنتدى بتاريخ 26 يناير (كانون الثاني) ما يعد تقديرا للدور المتنامي لروسيا. الأدلة على ذلك كثيرة وليس آخرها حصول روسيا على حق تنظيم مسابقة كأس العالم 2018.أكبر 10 اقتصاداتحقيقة القول، تعتبر اقتصادات الصين والهند وروسيا والبرازيل من ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم استنادا لمبدأ الناتج المحلي الإجمالي حسب مفهوم القوة الشرائية. فحسب إحصاءات البنك الدولي، تعتبر الولايات المتحدة والصين واليابان والهند وألمانيا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والبرازيل وايطاليا صاحبة أكبر 10 اقتصادات في العالم على التوالي.طبعا تقل الأهمية النسبية لاقتصادات الصين والهند وروسيا والبرازيل عند احتساب الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الاسمية لأن هكذا حسبة لا تأخذ في عين الاعتبار مبدأ القوة الشرائية للاقتصادات المحلية. على سبيل المثال، يتراجع ترتيب الاقتصاد الهندي للمرتبة رقم 11 بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الاسمية. لا شك يمتلك الدولار الأميركي الواحد قوة شرائية في الهند والصين أكبر منه في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.الصين ثاني أكبر اقتصادوفي كل الأحوال، هناك تقدير خاص للاقتصاد الصيني عبر مساهمته بعودة الحياة للاقتصاد العالمي بعد أزمة الرهن العقاري التي تجلت في النصف الثاني من العام 2008. تتمثل المساهمة الصينية بتسجيل نمو فعلي قدره 10.3 في المائة في 2010 مقارنة مع نسبة لا تقل أهمية في العام 2009 قدرها 9.2 في المائة. وقد تحقق هذا النمو الاقتصادي المميز على خلفية نمو الطلب المحلي من جهة والقدرة على التصدير من جهة أخرى. من جملة الأمور، تعتبر السلع المصدرة في الصين ملاذا لمستهلكين حول العالم بسبب توافرها بأسعار في متناول الجميع.وفي تطور مثير لكنه ربما مفهوم، نجحت الصين مؤخرا في إقصاء اليابان كصاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة. فحسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، تبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة والصين واليابان حسب مفهوم القوة الشرائية نحو 15 تريليون دولار و10 تريليونات دولار و4.3 تريليون دولار للبلدان الثلاثة على التوالي.لكن يبدوا أن هناك تفهما في اليابان لهذا التطور بالنظر لتبيان الإمكانات بين البلدين. قبل فترة سألت دبلوماسيا يابانيا عن رأيه بتفوق الاقتصاد الصيني من حيث الحجم على حساب نظيره الياباني فأعرب وبكل ثقة بأن الأمر كان متوقعا نظرا للإمكانات التي تمتلكها الصين من حيث عدد السكان والمساحة والموارد. وشدد محدثي بأن المسألة لم تكن أكثر من وقت قبل نجاح الصين في تحقيق الغلبة من حيث حجم الاقتصاد.ورأيت نفسي متفقا مع ما ذكره الدبلوماسي وذلك بالنظر لبعض الإحصاءات الحيوية حيث يزيد عدد السكان في الصين على مليار و300 مليون نسمة مقارنة مع 127 مليونا في اليابان. كما تعتبر الصين رابع أكبر دولة عالميا بالنسبة للمساحة بعد روسيا وكندا والولايات المتحدة حيث تقل مساحتها قليلا عن الأخيرة. في المقابل، يأتي ترتيب مساحة اليابان في المرتبة رقم 61 دوليا. خلافا لليابان، تمتلك الصين الكثير من الموارد الطبيعية.استقطاب الاستثماراتكما تتميز الصين بمنافسة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على استقطاب الاستثمارات الأجنبية مباشرة كما كشف ذلك تقرير الاستثمار العالمي 2010، ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروف اختصار باسم (الأونكتاد). بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للولايات المتحدة والصين 129 مليار دولار و95 مليار دولار في العام 2010 على التوالي.وعلى هذا الأساس، احتلت الصين المرتبة الثانية دوليا بعد الولايات المتحدة فيما يخص استقطاب الاستثمارات الدولية عبر استحواذها على 8.5 في المائة من قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في العالم في 2010 وقدرها 1114 مليار دولار.بدورها، استقطبت الهند استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 34.6 مليار دولار أي أكثر بكثير من اليابان والتي حصدت أقل من 12 مليار دولار في السنة نفسها.المعايير والقواعد المشتركةالمثير بالنسبة لدافوس 2011 التركيز على الاقتصادات الصاعدة لكن مع التأكيد بأن غالبية المتحدثين ليسوا من الصين أو الهند بل من الاتحاد الأوربي من قبيل الرئيس الفرنسي نكيولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركر ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.طبعا هناك بعض الاستثناءات مثل الرئيس الروسي الذي ركز في كلمته في جلسة الافتتاح على قضايا موضع اهتمام العالم بأسره مثل نزع الأسلحة. وقد استغل ميدفيديف المنتدى للتأكيد بأنه سوف يوقع على وثيقة معاهدة روسية أميركية تهدف لتقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية.وربما هذا يفسر النصف الثاني من عنوان المؤتمر أي المعايير المشتركة. ويفهم من هذا العنوان فرضية استفادة القادة الأوروبيين للمناسبة للتأكيد على وجود قواسم مشتركة مع الدول البارزة اقتصاديا مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا. تشمل القواسم المشتركة إطلاق العنان لقوى السوق لتبحث بنفسها عن أفضل الخيارات المتوافرة.ختاما، يحسب للمنتدى الاقتصادي العالمي قدرته على التجديد رغم مرور 41 سنة على الفعالية السنوية التي تحضنها بلدة دافوس في سويسرا. لا شك بأننا نعيش في عصر العولمة حيث الغلبة للقوة الاقتصادية وبالتالي القدرة على تحقيق مآرب الشعوب.أخيرا، كان لافتا ما ذكره الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطاب حالة الاتحاد الأسبوع الماضي عندما ذكر مواطنيه بالتركيز على الابتكار والإبداع لتحقيق التنافسية في عصر بروز الصين والهند كقوتين اقتصاديتين.