10 سبتمبر 2025

تسجيل

قطريون على الرف!

29 ديسمبر 2020

في إحدى مقابلات العمل، وخلال فترة انتظار المُرشح لمقابلته كان هناك تساؤل يجول في عقله الباطن بكيفية سرد خبرته العملية، وهي تحمل ثغرة في سلسلة الخبرة الوظيفية، والتي يشوبها فراغ غير منطقي وهو في تحويله إلى (البند المركزي)!. وخلال المُقابلة مع مُساعد وكيل الوزارة ومن ضمن الحديث تفاجأ المُرشح بذكر وكيل الوزارة المُساعد أنه في فترة ما كان من ضمن الفئة المحولة إلى البند المركزي. قصص كثيرة تتحدث عن تحويل مواطنين إلى البند المركزي أو التحويل إلى التقاعد المُبكر، والقرار في حينه أشبه بقرار وقف لعجلة النمو والتطوير والعطاء واغتيال لطموح المُحولين، وعلى الرغم من استدراك الحكومة لخطورة هذه المسألة بعد رؤية تفاقمها، قامت بإيقاف ذلك البند وإغلاقه بشكل نهائي وإعادة المواطنين بعد سنوات من التجميد وبشكل تدريجي إلى سوق العمل وتوزيعهم على وزارات الدولة المختلفة، إلا أن ظهوراً حدث أكثر خطورة وهو البند المركزي المُبطن في كثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية. وذلك بتحويل الموظف من إدارته إلى سلطة إدارة الموارد البشرية لإيجاد عمل له في أي إدارة أُخرى وفي ذات المؤسسة، ولكن بعملية تحويل قد تطول لسنوات ويكون الموظف فيها تحت مُسمى موظف مع وقف التنفيذ في منزله وقد "حصل"!. وبالعودة إلى أسباب تلك التحويلات تجدها في أغلبها مُشابهة لعملية التحويل الرسمية إلى البند المركزي في زمن ديوان الخدمة المدنية السابق والذي لم تكُن هناك إجراءات أو آليه تُطالب بأسباب التحويل. فكثير من الحالات المُعطلة تم تحويلها بسبب خلاف بين المسؤول والموظف، عدم توافق بينهما، عدم استلطاف المسؤول للموظف وقلة قليلة منها لأسباب وظيفية، فأغلب هذه الأسباب هيّ أسباب شخصية صُرفة لا عملية!. وللأسف إن القانون يحمي المسؤول صاحب القرار بجملة عائمة إن صح التشبيه بها وهي بصياغة جملة "لمصلحة العمل" وهذا التفويض القانوني أُسيئ استخدامه من قبل الكثير من المسؤولين فأصبح باب الأمان للمسؤول لكي يُنهي طموح الموظف الواقع تحت سلطته الوظيفية. ومن جماليات عنوان المسمى الوظيفي تحويل الموظف إلى مسمى "خبير، مستشار"، وهو مسمى ذو مكانة تقديرية، ولكن للأسف هو مسمى مُتعارف عليه في أغلب المؤسسات فهو يُشير إلى ركن "موظف على الرف" بعكس المستشار الأجنبي الذي يُستقطب إلى المؤسسة بحوافز مالية كبيرة وامتيازات وسلطة في اتخاذ القرار بعكس المواطن الذي يكتسب المسمى كإطار صورة فقط لا للاستفادة من خبراته. فكم من خطاب يتواجد اليوم على "الرف" وضع به اسم المواطن تحت رحمة المسؤول لكي ينظر متى ينفض الغبار من على الخطاب لكي يعود الموظف لعمله وإيقاف خطاب التعطيل. إن من المعالجات لإيقاف الهدر العام للكوادر الوطنية في مؤسسات الدولة سهل التنفيذ وهو بإصدار تشريع يمنع أي عملية تحويل لموظف إلى إدارة أُخرى أو إعفاءه من مسماه الوظيفي أو تحويله إلى مستشار "الرف" بأن تكون هناك لجنة في وزارة التنمية والعمل والشؤون الاجتماعية تنظُر في الأسباب الداعية لتلك القرارات وبالأدلة والمستندات الرسمية ويكون قرار اللجنة مُلزماً لجميع الأطراف لتنفيذه. فإن من أثر وجود تلك اللجنة الرقابية إعطاء أمان وظيفي للموظف المُجتهد وتعطيل أي قرار شخصي أو مزاجي يطرأ على المسؤول، وبهذا ستتطور القرارات من شخصية إلى قرارات عملية ومهنية صُرفة تتخذ القانون عنوانا لها ومضمونها حماية للحقوق والواجبات وهو الهدف الذي وضع له القانون، خاصه أن كثيراً ممن عادوا إلى سوق العمل ثُبتت جدارتهم وأصبحوا في مناصب ذات مكانة عالية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدُل على أن عملية التحويل كانت غير مهنية. أخيراً إن الوظائف العامة في الدولة هي وظائف تمتلكها الدولة، والتعيين في تلك المناصب القيادية الهدف منه المساعدة في تطوير مؤسساتها وخدماتها العامة، وليست كما يظن البعض بأنها حق تملك خاص وقراراتها هيّ لإدارة أعمالهم الخاصة. bosuodaa@