13 سبتمبر 2025
تسجيلكثيراً ما نصف الحياة على أنها مسرح، ولكل منا دوره عليها، الذي يختلف من شخص لآخر حتى أن القصص تجد لها من بيننا منفذاً فتكون، وتقفز على أرض الواقع ليدركها من لا قصة له، وتستمر الحياة على هذا المنوال، (نعم) الحياة مسرح كبير غير أننا نسير بخطوات لم تنجبها النصوص، ولكنها وليدة اللحظة تنشأ وتكون وتبحث عن ردة فعل عفوية لا تخضع لأي تعديل أو تحسين، فتلك هي الحياة، ورغم أننا نشعر بها تعيسة أحياناً، إلا أن الأمر يُحملنا على ترقب تلك النتائج التي نتقبلها بكثير من الامتنان؛ لأنها وإن لم تُسعدنا إلا أنها وبلا شك تُعلمنا شيئاً جديداً يكشف سراً من الأسرار التي تُحسب لنا لا علينا، وهو ما يجعل كل واحد منا بطل قصته التي سترويها الأيام للأيام، وهو الأمر الذي يسمح له بأن يترك بصمته على صدر الزمن، في حين من يحسب بأن حياته تسير وفق خطة مدروسة كل الوقت، ولا يتمكن من ارتجال خطواته، ويشعر بأنها مقيدة أو أنها تخضع لسيطرة آخر يتحكم به وبحياته فهو وبلاشك مجرد (دمية) وإن أخذت دور البطولة إلا أنها ستخضع لسيطرة ستسيطر على تحركاته، فيبدو بخلاف ما هو عليه أصلاً، وكأنه هو وليس هو. الدمى ومحرك الدمى لقد بدأت حديث اليوم عن (دمية المسارح) وهي الشخصية التي وإن ظهرت بكامل أناقتها وجمالها؛ لتسحر بخطواتها وحركاتها الآخرين، إلا أنها ستظل (دمية) لا تقوى على فعل أي فعل يُحسب على جنس الأفعال، وبمعنى آخر هي مجرد واجهة لتصرفات غير شرعية، وسلوكيات منحرفة، ورغبات مريضة (غير مُرضية) وغيرها الكثير مما ينحدر تحت مفهوم (Dirty work) أحياناً، وللأسف هناك الكثير من هذه العينة، والحديث ليس عن (دمية المسارح) بل من يُحركها أي (مُحرك الدمى)، فالأولى ورغم بشاعة ما يكون منها، إلا أنها تظل مجرد مجسمات لا تقوى على فعل أي شيء، فإن وجهتها لفعل الخير لفعلت، وإن حرضتها على الشر لمالت نحوه، بينما الشخصية الثانية المُتحكمة ألا وهي شخصية (مُحرك الدمى) هي التي تُخطط، وتُحرك، وتقوم بكل ما تريده ولكن من خلال تلك (الدمى) التي تُحركها كما يحلو لها. لا شك أن الحياة تمدك بالعديد من المواقف بين الحين والآخر، ولا شك أنك واجهت منها ما جعلك تقف وعلامات الاستفهام تتراقص على رأسك لتسأل: هل أنا دمية تُنفذ وتفعل كل ما لا يُعبر عنها ولكن تُعبر عمن يُحركها؟، أم أنني أنا من يُحرك الآخرين كدمى؛ ليعبث كما يحلو له دون حسيب أو رقيب؟ والحق أن منا ومن بيننا مَن يتحرك كالدمى دون أن يعلم موقعه من حياته، ومنا أيضاً مَن يُحرك الآخرين؛ لتكون المواقف كلها في صالحه، فيتحرك، ويتقدم، وينجح، ويرتقي من خلالهم؛ ليُنسب كل ما سيتحقق من نجاح له وحده، فما تلك الدمى سوى مجرد مجسمات لا تعي ما تفعله في حالة الربح، ولكن متى كانت الخسارة فسيعود الأمر إليها؛ لتُكب تلك الخسائر على رأسها. كلمة أخيرة هذا المقال يصلح لنا جميعاً، وكل ما علينا فعله هو الأخذ به مقياساً للحياة التي نعيشها؛ لندرك ما نكون عليه، مع الأخذ بالحقيقة التالية: الدمى وإن كانت كذلك إلا أنها تُقدم كل ما يُقدم من خلالها كما ذكرت سلفاً، مما يعني أنه وبالإمكان بأن تُقدم خيراً ولا ضرورة بأن يكون كل ما تُقدمه شراً، وكذلك هو الحال مع مُحرك الدمى الذي وإن توجه نحو تحقيق مآربه من خلال الدمى، إلا أن ذلك لا يعني بأن كل ما يُقدمه ينبغي أن يكون شراً خالصاً، فلربما يكون خيراً ولكن من خلالها تلك الدمى، ويبقى السؤال أيها الأعزاء: مَن منا من دمى المسارح؟، ومن منا محرك لها؟ ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]