21 سبتمبر 2025
تسجيلبعد ثلاثة أسابيع من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على مدار الساعة، مما أسفر عن ارتقاء آلاف الشهداء والمصابين بجرائم حرب وجرائم متنقلة ضد الإنسانية وتدمير البنى التحتية بمجازر ثلثيهم من الأطفال والنساء.... الإفلاس الأخلاقي في بقاء المجتمع الدولي (المتحضر سابقاً)، خاصة أمريكا، متفرجاً على كارثة شلالات الدم بلا مبالاة- لم يعد مقبولاً - وهم شركاء في الجرائم- لم يعد مقبولاً بتوفير الغطاء السياسي والدعم السياسي والمالي والعسكري...بينما يحاضرون على العالم باحترام القانون الدولي والدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وبرغم الغاء الأردن القمة الرباعية باستضافة الملك عبدالله عاهل الأردن- الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية بحضور الرئيس بايدن الأسبوع الماضي- بعد قصف المستشفى المعمداني في غزة التابع للكنسية المعمدانية المسيحية ثالث أقدم كنيسة في العالم واستشهاد 500 شخص. في جريمة مقززة أثارت غضب العالم. لكن مجدداً سارع بايدن وبرأ إسرائيل من قصف المستشفى المعمداني. مدعياً صاروخ الجهاد الإسلامي سقط بالخطأ قرب المستشفى. وكررت إسرائيل ودول أوروبية ذلك. لكن تحقيق صحيفة نيويورك تايمز أثبت أن الصاروخ الذي أُطلق من خارج غزة! الواضح تجاوزت حرب إسرائيل على غزة الانتقام الدموي بعد كارثة الفشل الاستراتيجي والأمني والاستخباراتي-إلى أوسع وأعمق من ذلك، وصولاً للترحيل القسري لسكان قطاع غزة بعد الترحيل القسري لمليون ونصف من سكان غزة من شمال غزة لجنوبها بعدما ادعت إسرائيل أنه آمن. لتقتل إسرائيل مئات النازحين- وترحيل الغزيين إلى سيناء تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية. حسب وزارة الداخلية في غزة في اليوم العشرين من حرب إبادة غزة-يقترب عدد الشهداء 8000- منهم حوالي 3000-طفل و2000 سيدة و2000 تحت الأنقاض التي تدمرت فوق رؤوس ساكنيها. قائمة جرائم حرب إسرائيل طويلة ومتعددة، تعمد قصف وقتل المدنيين، استمرار قطع امدادات الماء والكهرباء والوقود لتشغيل مولدات كهرباء المستشفيات- يشارف القطاع الصحي على الانهيار الكلي. والترحيل القسري للسكان. واستخدام الفوسفور الأبيض المحرّم، كل تلك جرائم حرب! برغم ذلك كله، أصر الرئيس بايدن على زيارة تل أبيب والتقى مع نتنياهو ورئيس الكيان- وأكد وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل وتوفير جميع ما تطلبه لضمان حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها. وعاد بايدن بعد زيارة دامت 7 ساعات- والقى خطاباً للشعب الأمريكي مقارناً ورابطاً بين غزو روسيا لأوكرانيا وحماس وأن كلا من حماس وروسيا يشكلان تهديدات مختلفة ولكن كلاهما يهددان ديمقراطيتي أوكرانيا وإسرائيل. وتقدم بطلب تخصيص ميزانية طارئة بقيمة 14 مليار دولار لتوفير الكونغرس لدعم عسكري ومالي لإسرائيل. وسبق إرسال البنتاغون حاملتي طائرات، وفرقاطات وآلاف الجنود لمنع توسع الصراع، وردع إيران وأذرعها وعلى رأسهم حزب الله. وما زاد الطين بلة بالإضافة إلى الدعم اللامحدود لجرائم حرب إسرائيل تشكيك بايدن بأعداد الشهداء- في إهانة لأهالي المصابين والشهداء. وردت وزارة الصحة الفلسطينية بعرض 212 صفحة بعدد و7000 لأسماء الضحايا من الأطفال والنساء والرجال. ما يعمّق ويزيد شرخ الكراهية لاصطفاف أمريكا الكامل كشريك بجرائم الحرب الإسرائيلية. ومع ذلك تبقى جهود وساطة دولة قطر الوحيدة تعمل خلف الكواليس لوقف محرقة العصر والتوصل لصفقة تبادل أسرى ومعتقلين. وذلك رغم تكرار الولايات المتحدة استخدام الفيتو بإسقاط مشروع قرار روسي بوقف العمليات العسكرية، بحجة أن مشروع القرار قُدم بنية سيئة ولا يتضمن لحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها. وعارضت وقف إطلاق النار في الجمعية العامة للأمم المتحدة-منطق إدارة بايدن يروج أي وقف لإطلاق النار سيفيد حماس!.. متجاهلة الوضع المأساوي والحاجة لهدنة إنسانية لإدخال المساعدات والغذاء والدواء والوقود لشعب مروع من القصف والقتل والجوع والنزوح، وفتح ممرات آمنة لعلاج المرضى والمصابين! تعمد إسرائيل وإدارة بايدن تشبيه حماس بداعش فيه تضليل وخلط أوراق وكثير من التسطيح. وصلت حماس إلى السلطة بانتخابات تشريعية وعن طريق صناديق الاقتراع عام 2006. وترويج أخبار مفبركة عن قطع رؤوس أطفال لتثبيت المقارنة. وهذا ما دحضته سيدة أُفرج عنها بوساطة قطرية- مصرية ناجحة. وقبل ذلك، أفرجت حماس عن سيدتين رهينتين بوساطة قطرية- فضحت ادعاءات إسرائيل. ودمرت الرهينة في مؤتمر صحفي الصورة السلبية التي رسختها إسرائيل وأمريكا عن وحشية وإرهاب حماس. تعامل إدارة بايدن بشكل منحاز كلياً مع إسرائيل ومنح الضوء الأخضر والحماية في مجلس الأمن باستخدام الفيتو المتكرر يعمق الخلاف والتباين مع الحلفاء العرب في المنطقة من مصر إلى الخليج. خاصة بعد فرملة التطبيع مع السعودية. ما ينسف خطة بايدن لتحقيق انجاز بأكبر اختراق منذ كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979. وهناك خشية من توسع الصراع-قصفت القوات الأمريكية مواقع مليشيات موالية لإيران في سوريا، وحذر الرئيس بايدن إيران. وهذا ينسف أي اختراق في الملف الثاني، كانت إدارة بايدن تأمل التوصل لاتفاق نووي، يسجل، كإنجاز مهم لبايدن، ويؤخر امتلاك إيران السلاح النووي في عهده. وتبقى الأسئلة الملحة مع بدء الأسبوع الرابع من عدوان الصهاينة على غزة: هل سيتحول التوغل داخل غزة لحرب برية شاملة ومكلفة ومدمرة لجميع الأطراف؟ خاصة وانها ستكون مغامرة مستميتة-بعدما تجنبت إسرائيل شن حرب برية في حروبها على غزة. مع تحفظ إدارة بايدن وطلبها تأجيل الحرب البرية-حتى يُفرج عن الأسرى الأمريكيين ويُستكمل تموضع القوات الأمريكية شرق المتوسط؟ وتُطرح أسئلة محورية، هل تتمدد وتتوسع رقعة المواجهة وتُفتح جبهات جديدة؟ خاصة بعد تعرض مدينتي طابا ونوبيع في مصر لمقذوف ومسيرة؟ ومع تسخين المواجهات وتصاعدها على الجبهة الشمالية مع حزب الله، وبرغم توازن الرعب بين حزب الله وإسرائيل، تتعالى المطالبة بتوحد الساحات، لتخفيف استنزاف حركة حماس، ولمنع إضعاف محور المقاومة، ومعه تآكل نفوذ إيران وأذرعها ومشروعها في المنطقة. ولنا عودة!