12 سبتمبر 2025
تسجيلمشهد دماء الشعب الفلسطيني التي تتدفق في غزة يملأ نفوس المسلمين غضبا نبيلا يمكن أن ينفجر قريبا، ليسقط نظما عربية خانعة، لا تعبر عن ارادة الأمة. وحتى الآن مازالت النظم العربية قادرة على التحكم فى حركة الجماهير باستخدام استراتيجية التخويف والقهر، لكن الزمن يمضي، والشعوب تشعر بأن نظمها تهين كرامتها عندما تقيد حريتها وحقها فى الدفاع عن شعب فلسطين. خلال العقد الماضى انكسرت ثورات الربيع العربي، وضاعت معها أحلام الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتم تغييب وعى الشعوب باستخدام الدعاية التى ركزت على الأمن كبديل للحرية، لكن الأحداث أوضحت أن الأمن ضاع مع الحرية، وأن النظم سحقت الكرامة العربية. وفقدت الجماهير العربية الأمل فى التغيير عن طريق الانتخابات، أو حتى التوصل لمصالحة وطنية تضمن الحد الأدنى من حقوق الانسان، وغرقت البلاد فى الديون، وتزايد الفقر والجوع، ولم يعد أمام تلك النظم العاجزة إلا بيع الأصول والأرض والثروات والتبعية للغرب. أوضحت الأحداث للشعوب العربية أن دول الغرب تحافظ على النظم العربية التابعة لها لتقوم بوظيفتها فى حماية أمن اسرائيل، وسيطرتها على المنطقة، واضطهاد الحالمين بتحرير فلسطين وقهرهم وسجنهم ونفيهم وقتلهم بعد ترديد اتهامات كاذبة لهم بالارهاب وعدم الوطنية والعمالة لحماس. وجاءت عملية طوفان الأقصى لتوضح للعالم كله أن الأمة العربية قادرة على الفعل، وأن القوة الغاشمة يمكن أن تقهر أصحاب الحق زمنا، لكنها بالتأكيد ستقف عاجزة أمام ارادة شعب قرر أن يقاوم ويفرض ارادته ويحرر أرضه، ويصنع سلاحه، ويبنى قوته. تلك العملية سوف تشجع الأمة العربية كلها على القيام بانتفاضة شاملة ضد الظلم والاستبداد والاستعمار الثقافي، وربما يكون ذلك من أهم نتائج عملية طوفان الأقصي، والتى سيكون لها تأثيرها على مستقبل المنطقة.. فهل يمكن التحكم فى حركة الجماهير واستعبادها بعد أن رأت الحقيقة واضحة ؛ وهى أن القوة الغاشمة يمكن أن تنهار عندما تقرر الشعوب أن تتحداها وتقاومها. لذلك تستخدم النظم العربية وسائل الإعلام العربية فى تضليل الجماهير ؛ باتهام حماس بأنها كانت السبب فى تدمير غزة، وهذا يعبر عن جبن تلك الأنظمة وعجزها وخوفها من اعلان الحقيقة وهى أن حماس حركة تحرر وطنى تكافح لتحرير أرضها، وأن المقاومة حق مشروع للشعب ضد الاحتلال، وأن الثورة ضد الاحتلال شرف ومجد لا يستحقه إلا الأحرار، وأن الثورة الجزائرية العظيمة قدمت أكثر من مليون شهيد، وبالتأكيد فإن تحرير المسجد الأقصى يستحق أكثر من ذلك. والنظم العربية الخانعة الخاضعة للغرب تحاول أن تكبح حركة شعوبها حتى لا تتطلع للحصول على المجد والشرف والعز والفخر بالمشاركة فى تحرير فلسطين. بذلك أصبحت الجماهير العربية تشعر بأنها فقدت الدنيا ؛ فلم تحصل على أمن أو ديمقراطية أو حرية، وعاشت مسحوقة مقهورة، حتى أصبح الناس يتمنون الموت، ولكن ماذا بعد الموت ؟ وإن كانت الدنيا قد ضاعت، وأصبح الفقر يعض قلوب الناس بأنيابه، فهل يضيع الدين، ويقف المسلمون أمام الله يحاسبهم على خنوعهم وخضوعهم، وقبولهم العبودية لغير الله ؛ فتضيع الآخرة كما ضاعت الدنيا. لذلك لم يعد أمام العرب سوى الثورة على حكامهم التابعين للغرب الخاضعين لإسرائيل، فالثورة تحمل الأمل فى بناء مستقبل أفضل، وفى تحقيق المجد والشرف والمشاركة فى تحرير فلسطين. هذه الثورة أصبحت هى الحل الوحيد لحماية الدنيا والدين، والحرية والحياة، والحق والعدل، وتحرير الأوطان والانسان. هل هناك حل آخر ؟! أما الانتخابات فالجميع يدرك أنها لن تحقق التغيير، وأن السلطات تقوم بتزويرها، ولم يعد هناك سوى المآسى والخراب والدمار والقهر.. لذلك لم يعد أمام الجماهير سوى الثورة، وهى بالتأكيد قادمة، وستهدد نظما تعتقد أنها مستقرة تحت الحماية الغربية، وجيش الاحتلال الاسرائيلى سيدفع العرب للثورة، فلن يتحمل الناس رؤية المزيد من دماء الفلسطينيين، وإبادتهم وتدمير ديارهم وتهجيرهم ؛ فلم يعد أمام الشعوب سوى الثورة فى ربيع عربى جديد.