11 سبتمبر 2025

تسجيل

إفشاء السر "1"

29 أكتوبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); السر هو ما يضر إفشاؤه بسمعة صاحبه أو كرامته، ولا يشترط أن يكون السر قد أُفضي به إلى أمين، ولا أن يكون قد ألقي إليه على أنه سر وطلب منه كتمانه، بل يعد في حكم السر الواجب كتمانه كل أمر يكون سراً ولو لم يشترط كتمانه صراحة، كما أنه يعد سراً كل أمر وصل إلى علم الأمين ولو لم يفض به إليه، كما لو كان قد وصل إليه من طريق المباغتة أو من طريق التنبؤ أو من طريق الخبرة الفنية. فالطبيب الذي يدرك من الكشف على مريض أنه مصاب بأحد الأمراض مطالب بكتمان ذلك السر ولو أن المريض نفسه لم يكن عالماً به، والطبيب النفسي الذي يدرك من خلال فحوصه النفسية أن مريضه مصاب باضطراب في أحواله المزاجية أو أحد الأمراض النفسية يلتزم بكتمان سر مريضه، والمحامي الذي يدرك من حديث موكله أنه ارتكب جريمة يكون مكلفاً بالاحتفاظ بهذا السر، ولو لم يطلب الموكل إليه بهذا صراحة، وهكذا. والإفشاء يقصد به إطلاع الغير على السر بأية طريقة كانت، سواء تم ذلك بالمكاتبة أو المشافهة أو الإشارة وما إلى ذلك، ويتوافر هذا الشرط ولو كان الإفشاء علنياً، بل يكفي أن يكون إلى شخص واحد، فالطبيب الذي يفشي لزوجته سراً من أسرار أحد مرضاه، يقع تحت طائلة إفشاء سر مريضه حتى ولو طلب من الزوجة كتمان السر، كما أنه لا يباح الإفشاء ولو من أمين إلى أمين، والحكمة في ذلك هي أن صاحب السر لم يأتمن عليه إلا أميناً معيناً بالذات دون غيره. وعليه فإفشاء السر في كل الأحوال فعل ممقوت، ولكن المشرع القطري لا يعاقب عليه إلا حين يضطر صاحب السر إلى الإفضاء به إلى الغير، فإذا لم يكن هناك ضرورة لإفضاء صاحب السر بسره إلى غيره، فهنا على صاحب السر أن يحسن اختيار من يأتمنه على السر وإذا أفشى هذا الشخص السر فإنه لا يرتكب ثمة خطأ معاقب عليه. وهذا هو المعيار المنضبط لبيان وجه الاختلاف بين السر العادي الذي قد يفضي به صديق إلى صديقه أو زميل إلى زميله، وهو بالطبع غير معاقب عليه لأنه في هذه الحالة لا يشكل جريمة، أما السر المهني فهو الذي يضطر فيه صاحب السر اضطراراً إلى البوح به إلى شخص معين بالذات بحكم عمله أو بحكم الضرورة، وهم من يطلق عليهم الأمناء بحكم الضرورة أو من تقضي صناعتهم بتلقي أسرار الغير كالطبيب مثلا، وهم في هذه الحالة مطالبون بعدم إفشاء السر المفضي إليهم بحكم عملهم. والبون بين السر العادي والسر المهني شاسع وكبير جداً، فالمؤتمن على السر العادي إن كان أمينا فهو ليس أميناً بحكم الضرورة، أما الثاني فهو أمينا بحكم الضرورة وحكم الاقتضاء، والأول إن كان فعله بإفشاء السر مستهجناً اجتماعياً إلا انه غير معاقب عليه جنائياً ولا يلزم بتعويض صاحب السر عما أصابه من أضرار مادية ومعنوية جراء إفشاء سره، أما المؤتمن على السر المهني بحكم الضرورة وطبيعة عمله كالطبيب والمعالج النفسي وغيرهم، فإنه يعاقب جنائياً إذا أفشى سر مريضه بل ويلزم بتعويضه إذا أقتضى الأمر ذلك.