07 أكتوبر 2025

تسجيل

الإقتصاد البحريني ومعضلتا الإئتمان والمديونية العامة

29 سبتمبر 2013

تؤكد التقارير الحديثة المتعلقة بالاقتصاد البحريني وهي سلبية في مجموعها إلى أهمية حل المعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البحرين والتي ظهرت للسطح منذ أحداث فبراير 2011. ففي غضون فترة قصيرة، قامت مؤسسة ائتمانية رئيسية في العالم بتخفيض الدرجة الممنوحة للبحرين. كذلك، تم التحذير عن حصول المزيد من التدهور للمديونية العامة للبلاد. إضافة إلى ذلك، نال الاقتصاد البحريني أسوأ ترتيب بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على مؤشر التنافسية الاقتصادية. في التفاصيل، أقدمت مؤسسة موديز المتخصصة في منح درجات الائتمان على تخفيض المستوى الائتماني للبحرين من (بي أي أي 1) إلى (بي أي أي 2). طبعا، الدرجة هي في خانة تصنيفات بي وليس أي في كل حال من الأحوال. حقيقة القول، تعتبر الدرجة الممنوحة جيدة لكنها توحي بإمكانية مواجهة صعوبات للوفاء بالالتزامات المالية. يضاف لذلك، لم تستبعد المؤسسة فرضية إجراء تخفيضات أخرى في المستقبل. كما واصلت المؤسسة اعتبار النظرة المستقبلية للاقتصاد البحريني سلبية وبالتالي ليست مستقرة. ولتبرير هذه الخطوة قدمت المؤسسة حججا قوية منها تعرض البحرين لضغوط سياسية محلية فضلا عن تأثرها بالأوضاع السياسية المتلاحقة في المنطقة. ويضاف لذلك، فرضية حصول تطورات غير مرغوبة بالنسبة لأسعار النفط. للأسف الشديد، تبين بالتجربة بأن مكونات المجتمع بطيئة في تجاوز تداعيات الحراك الذي انطلق في فبراير 2011 للمطالبة بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة في المملكة. طبعا، يضاف لذلك فرضية استيراد بعض الأمور السلبية المرتبطة بتطورات الأحداث في سورية بالنظر لتركيبة المجتمع البحريني. وعلى هذا الأساس، لا تمتلك البحرين رفاهية تأخير إيجاد حلول سياسية للأزمة المستمرة والتي تعاني منها. الأمر المقلق الآخر عبارة عن الاعتماد الكبير على القطاع النفطي رغم الحديث عن التنوع الاقتصادي. تكفي الإشارة إلى تشكيل القطاع النفطي أكثر من 80 في المائة من إيرادات الخزانة العامة في السنة المالية 2012 والحال نفسه بالنسبة للصادرات. كما ليس من الواضح مدى قدرة الاقتصاد البحريني للاستفادة من إمكانية حصول ارتفاع لأسعار النفط بالنظر لتبني سعر مرتفع نسبيا عند إعداد الموازنة العامة. يشار إلى أنه قد تم افترض متوسط سعر قدره 90 دولارا للبرميل بالنسبة لموازنة السنتين الماليتين 2013 و2014. المعروف عن البحرين تبنيها موازنة سنتين ماليتين في وقت واحد لأسباب تشمل منح المستثمرين فرصة الإطلاع على توجهات الدولة لفترة زمنية والإعداد للاستفادة منها. بدوره، يرى صندوق النقد الدولي بأن الموازنة البحرينية بحاجة لمتوسط سعر قدره 118 دولارا للبرميل للوصول لنقطة التعادل وبالتالي تحاشي العجز. لكن ليس من المتوقع ارتفاع أسعار النفط لهذا المستوى حيث يدور الحديث عن بقاء المتوسط ضمن معادلة 100 دولار للبرميل. في المقابل، يحتفظ الاقتصاد البحريني بنظرة مستقبلية مستقرة من قبل مؤسسة تقييم أخرى وتحديدا ستندارد أن بور. وكانت ستندارد أن بور قد غيرت بداية العام الجاري النظرة المستقبلية للاقتصاد البحريني من سلبي إلى إيجابي، حيث ربطت الأمر بشكل رئيسي بتطورات مثل تعزيز النفقات العامة وتأثير ذلك على مجمل أداء الاقتصاد الوطني. إضافة إلى ذلك، يوجد تخوف من تصاعد حدة المديونية العامة وما لذلك من تأثيرات على الخيارات الاقتصادية للمملكة. بادئ ذي بدء، بلغ حجم المديونية العامة قرابة 11.2 مليار دولار بداية العام 2013 أي 40 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين نحو 27.7 مليار دولار لكن أقل من ذلك حسب تقديرات أخرى. بيد أنه يخشى أن يتصاعد الرقم إلى 13.3 مليار دولار مع نهاية العام الجاري ومن ثم 15.7 مليار دولار مع نهاية 2014 على خلفية العجز في الموازنة العامة. وقد تم إقرار موازنة السنتين الماليتين 2013 و2014 بنحو 2.1 مليار دولار و2.4 مليار دولار على التوالي. وتبين حديثا بأن السلطة لا ترى بديلا عن تعزيز المديونية العامة لتمويل عجز الموازنة. وكما أشرنا أعلاه، لا تتوافر للبحرين فرص تعزيز إيرادات الخزانة العامة بالنظر لافتراض متوسط سعر مرتفع أصلا لبرميل النفط. بالتطلع للأمام، يبدي صندوق النقد الدولي خشيته من ارتفاع قيمة المديونية في حال الاحتفاظ على نفس المستوى من النمو المتواصل لأكثر من 20 مليار دولار مع العام 2018 أي 61 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني بالضرورة تجاوز المديونية العامة حاجز 60 في المائة للناتج المحلي الإجمالي الأمر الذي يتناقض مع مشروع الاتحاد النقدي الخليجي. بالعودة للوراء، شكلت المديونية العامة 10 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2008. من جهة أخرى، كشف تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2013 والذي صدر حديثا ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي بأن الاقتصاد البحريني هو الأقل تنافسية بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. وقد حدث هذا على خلفية تراجع ترتيب الاقتصاد البحريني 8 مواقع في سنة واحدة للمرتبة رقم 43 دوليا بين 148 اقتصادا مشمولا في التقرير. بدورها، نالت قطر المرتبة رقم 13 على مؤشر التنافسية وهي أفضل نتيجة بين الدول العربية والإسلامية. كما كشف التقرير عن تقدم الإمارات 5 مواقع وصولا للمرتبة رقم 19 على مستوى العالم وتلتها مباشرة السعودية. ختاما، لا مناص للبحرين من معالجة التحديات المرتبطة بالأحداث التي مرت بها مطلع العام 2011 بطريقة يخرج منها الكل منتصرا. الأمر الآخر هو الاستفادة القصوى من الإمكانات البشرية المتوافرة في البلاد من دون إقصاء لأي طرف. تشمل نقاط القوة في الاقتصاد البحريني توافر ثروة بشرية محلية متعلمة ومطلعة على تجارب الدول الأخرى ودليها رغبة المساهمة في الاقتصاد الوطني عبر العمل في مختلف القطاعات.