12 ديسمبر 2025

تسجيل

شكراً لا تكفي

29 أغسطس 2021

واجه الكادر الطبي خلال أزمة انتشار فيروس كورونا كوفيد-19 ضغطًا كبيراً، وكانت الطواقم الطبية خط الدفاع الأول وقتها وإلى الآن، وفي الوقت الذي حوَّلت معظم المؤسسات عمل موظفيها عن بُعد كان الطاقم الطبي يعمل دون توقف وبعدد ساعات إضافية، مواجهاً خطر الإصابة بالفيروس الذي فَتَكَ بالبشرية وغَيّر شكل الحياة وما زالت تبعاته مستمرة، والضغط الذي واجهه الأطباء والممرضون لم يكن الخوف من الإصابة بقدر ما كان الخوف على عائلاتهم من نقل الفيروس لهم، كما أن ارتداء الكمامات والبدلات الواقية من الفيروس هي الأخرى تسبب ضغطاً نفسياً على الطبيب والممرض، ناهيك عن مهامهم في تطمين المرضى والتعامل مع خوفهم ومزاجهم السيئ وطلباتهم وتوجيههم بالتعليمات التي تحميهم وتحمي عائلاتهم، حالات الوفيات اليومية للمصابين بالفيروس أحد الضغوط التي كان يواجهها الطاقم الطبي، فليس بالأمر السهل أن يموت المرضى أمامهم وهم عاجزين عن إنقاذهم، ولو فكرنا في تجميع كل القصص التي تعّرضت لها الطواقم الطبية لن تكفيها مجلدات، ففي الوقت الطبيعي يمر الأطباء بمواقف عصيبة مع قصص المرضى، فكيف الحال أثناء جائحة سيطرت على العالم وليس لها علاج واضح خاصة في بداية انتشار المرض، فلكَ أن تتخيل حجم الضغط النفسي على الطاقم الطبي الذي قام بدور جبَّار ولم يتقاعس عن عمله الإنساني ولهذا كان لابد من مكافأة وتكريم للطواقم الطبية بعد كل ذلك الضغط في العمل خاصة وأنهم حُرِموا من إجازاتهم والبعض منهم كان يعمل ليلياً بشكل مستمر بعد إعلان حالة الطوارئ في البلد، ولكن خابت آمال الطواقم الطبية بعد قرار خفض رواتبهم بعد كل ما عانوه من ضغوطات خلال عام ونصف من انتشار فيروس كورونا كوفيد-19، فكم من الإحباط أصابهم خلال اليومين الماضيين، والذي حتماً سينعكس على أدائهم وحماسهم في العمل، فعندما يجتهد الموظف ويعمل تحت الضغط وظروف غير طبيعية يتوقع من المسؤولين المكافأة وليس العكس! كلنا يعلم أهمية القطاع الطبي، بل هو عصب المجتمعات، وكلنا يعلم أننا في قطر ونظراً للظروف الديموغرافية فنسبة المواطنين العاملين في القطاع الطبي قليلة نسبة للوافدين، وكلنا يعلم أن دراسة الطب ليست بالمجال السهل وتحتاج إلى مؤهلات متميزة ورغبة وإصرار على مواصلة عملية التعليم وخدمة البشرية وهذا ما يجعل الكثير من الشباب يعزف عن دراسة الطب، وعوضاً عن تقديم الامتيازات والحوافز للطاقم الطبي ليتشجع الشباب لدراسة الطب يتم خفض الرواتب مع زيادة الضغط، فكيف يمكن استقطاب الشباب لخوض تجربة دراسة الطب والرغبة في العمل الطبي إذا كان الحرمان من الامتيازات مكافأة للطواقم الطبية بعد ضغط جائحة كورونا؟! مسألة خفض الرواتب ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها العاملون في القطاع الطبي خاصة المواطنين، فهناك ملف العيادات الخاصة والتضييق على الأطباء الذين يرغبون في فتح عيادات خاصة قد تصل لمحاربتهم في وظيفتهم في القطاع الطبي الحكومي، وهذه مشكلة تنعكس سلباً على المقبلين على دراسة الطب من المواطنين، فعوضاً عن تقديم التسهيلات لهم وتشجيعهم يتم وضع الصعوبات أمامهم مما قد تغريهم وظائف سهلة لا تحتاج إلى كل الجد والاجتهاد في الدراسة والعمل وبذلك يهجر الشباب المواطن من الجنسين العمل الطبي، فهل هذا يحقق أهداف وإستراتيجية القطاع الطبي في الدولة!؟ • رواتب الموظفين حقوقهم المفروغ منها ومهما عانت المؤسسات من ضغوطات في الميزانية عليها أن تخفض من مصروفات المشاريع ولا تمس الرواتب حتى لا تفقد الكفاءات ولا يتسرب العاملون في القطاع الطبي لأعمال أخرى، فليس بالأمر الهَيِّن الحصول على كفاءات، فأرواح الناس أمانة! • في مثل الظروف الشرسة التي واجهها القطاع الطبي أثناء جائحة كورونا والعبء النفسي الذي تكبده من مناوبات ليلية ودوام يومي ومواجهة التعرض للفيروس الفتَّاك فإن أقل ما يمكن تقديمه مكافآت ليشعروا بأهميتهم وتقدير المؤسسة لهم وليزيد حماسهم للعمل عوضاً عن خفض رواتبهم الذي يقتل الرغبة فيهم وفي كل من يفكر بالعمل في القطاع الطبي! [email protected] @amalabdulmalik