11 سبتمبر 2025
تسجيلعادة ما نسأل بمن نلتقي بهم إن كانوا بخير أم لا! ومعظمنا يجيب الحمد لله أنا بخير، أنا طيب، الأمور ماشية، كل شيء تمام وغيرها من العبارات التطمينية وكأننا نطمئن أنفسنا أولاً بأننا بخير رغم الفوضى التي قد تكون بداخلنا، رغم الألم الذي يعتصر قلوبنا، رغم الاحتياجات التي نكبتها في انفسنا ولا نتحدث عنها لتبقى صورتنا مُشرقة أمام الآخرين، لكي لا نظهر بموقف ضعيف، فأكثر ما يزعج الإنسان الشعور بالضعف في كل نواحي حياته، لذلك نحافظ على تماسكنا أمام الآخرين مهما أنهكتنا الظروف والهموم، ونرسم على وجوهنا ابتسامة ونتظاهر بالقوة وربما اللامبالاة ونكتم بداخلنا مشاعر سلبية تتراكم مع الأيام وتسبب لنا انفجاراً نفسياً أو تداهمنا أمراضاً جسدية لا يمكننا الشفاء منها وربما يدخل أحدنا دائرة الاكتئاب ويغرق في وحدته دون أن يسمح لأحد إنقاذه. قد لا يعي البعض أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسمية، فكلما كانت الصحة النفسية أو العاطفية سليمة استطاع الإنسان التغلب على تحديات الحياة والضغوطات بشكل أسهل، وعندما يتمتع الإنسان بصحة نفسية جيدة فإنه أقّدر على التحكم في انفعالاته وتجنب المشاكل مع غيره، ويكون قادرا على مواجهة المشاكل المالية وتحديات العمل، ويتجنب الوقوع في دائرة العزلة المرضية وتعاطي الكحول والمخدرات وغيرها، ويكون أكثر قدرة على تكوين صداقات جديدة، ويستمتع بأوقاته سواء في العمل أو مع الاصدقاء، ولا يتردد في مساعدة الآخرين ودعمهم، وقد يكتسب هوايات جديدة، وتزداد رغبته في السفر ولقاء أشخاص جدد، والأهم من ذلك أنه كلما كانت الصحة النفسية متزنة كلما زادت ثقة الانسان بنفسه مما يعكس الصفات الإيجابية وقل القلق وزاد السلام الداخلي مما يسمح بالتفكير الإبداعي والاستكشاف واستغلال الفرص المناسبة. لذلك لابد علينا من مراقبة أنفسنا وصحتنا النفسية وقد تظهر علامات تُنذرنا بأختلال في صحتنا النفسية لابد أن ننتبه إليها، فمثلاً تغير في العادات الغذائية إما بفقدان الشهية أو الإفراط في الأكل، التقلبات المزاجية الكثيرة، صعوبة أداء المهام اليومية، العزلة الاجتماعية والشعور بالإحباط والسلبية، القلق المستمر والغضب لأتفه الأمور، اللجوء لتناول المخدرات أو العقاقير المهدئة دون تبرير كذلك مؤشرات تحتاج إلى إستشارة نفسية مع طبيب مختص يحاول توجيهك للطريق الصحيح، ويخلصك من التراكمات التي تحبسها بداخلك ظناً منك أنك قادر على تحملها وتجاوزها بنفسك، ولكن كلما أهملت نفسك وعلاج اعتلالك النفسي كلما تفاقمت المشكلة وكانت سبباً لدخولك اكتئاب قد لا تُشفى منه بسهولة، ولا يجب إهمال معاناتك خوفاً من كلام ونظرة المجتمع لأن البعض يهاب التردد على العيادات النفسية للصورة النمطية السلبية عن الطبيب النفسي في حين أنه طبيب كحال كل الأطباء الذين نتردد عليهم في التخصصات الأخرى بل هو الأهم على الإطلاق لأن بعض الأمراض العضوية نتيجتها التراكمات النفسية أصلاً، لذلك للطبيب النفسي أهمية وليس بالضرورة أن يصف لك علاجا تخشى أن يسبب لك الإدمان، بل أحياناً علاجك يكمن فقط في التحدث مع شخص يجهلك ويساعدك على تفريغ التراكمات بداخلك ويشجعك ويعزز من ثقتك بنفسك ويشاركك اختياراتك ويدفعك لاتخاذ قراراتك ويقلل من معاناتك ويجعلك قادر على مواجهة تحدياتك والتغلب عليها. لا تخجل من مواجهة نفسك واحتياجك للعلاج النفسي فأنت من تعيش معاناتك وأنت من تتألم وتحتاج لمن يخفف عليك ألمك، لا تقف عند كلام الناس ولا تنشغل بآرائهم وافعل ما يريحك ويعالج ألمك، فالناس تهوى الكلام عن الناس وخصوصياتهم بكل الحالات. • احذر من الفضفضة لأصدقائك، فالظروف تتغير والمصالح الشخصية لها الأولوية، وقد يستغل ضعفك أو آراءك أحدهم ضدك يوماً ما ويجعلك تعض أصابع الندم لأنك وثقت به، الطبيب النفسي الخيار الأفضل والآمن للتخلص من التراكمات وفي النهاية أنت مجرد ملف في خزانته ونسبة مضرته لك صفر في المائة. • اهتم بصحتك النفسية كما تهتم بصحتك الجسمانية، فإذا صلحت نفسك تغلبت على الأمراض الطارئة. • الصحة النفسية السليمة والإيجابية تقلل من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، فانتبه على صحتك النفسية أولاً.