12 سبتمبر 2025
تسجيلعلى غير ما هو حال ملاعب الرياضة، التي تفتح ذراعيها للشباب الموهوب، وتطرد الباقين إلى المدرّجات، فإنّ ملاعب الأدب تستوعب الكتّاب من هواة الكتابة الصغار إلى من سئموا تكاليف الحياة على أعتاب الثمانين. وأمام الزحام الشديد في هذه الملاعب، بلا دوري عام، ولا منتخب وطني، ولا تصفيات كأس عام، أو أولمبياد، تتكدّس نصوص الهواة مع نصوص المحترفين، ومع انضمام كتاب أحيلوا للتوّ على المعاش ووجدوا في الكتابة هوايةً مؤجّلة جاء وقت إشباعها، أو كاتبات أنهين واجباتهنّ في الإنجاب والتربية ولم يجدن ما يقاومن به سنّ اليأس إلاّ الكتابة، أو شباب هزمهم الحبّ الأوّل فالتمسوا في الكتابة مرهماً شافياً. وبهذا فقد امتلأت ملاعب الأدب بلاعبين من مختلف الأعمار والمواهب، ولا عجب إن وجدت نصاً لابن الثامنة عشرة إلى جانب نصّ ابن الثمانين، أو نصّ لشابة موهوبة جانب نصّ لأديبٍ تكرّس في ذاكرة المجتمع. وبرغم الحلول التي أنقذت المشهد إلاّ أن الفوضى تزيد المشهد تشاؤماً، فالجمهور غادر الملعب، ولم يعد هناك من يدفع للاعبين، فمعظم الصحف تنشر النصوص الإبداعية دون مقابل، ودور النشر تنشر للشعراء القادرين على دفع تكاليف الطباعة، ولم يعد لقب كاتب أو شاعر يعني الكثير في تراتبية المجتمع الذي ملأته أسماء أقلّ عمقاً وأكثر وهجاً. جاءت المسابقات الأدبية الكثيرة لتكون معياراً يقيس جودة المنتج الأدبي، ولكنّ كثرة المسابقات وعدم التنسيق فيما بينها، قلّلت من مردودها، ثمّ جاء عالم الشبكة العنكبوتية ليفتح ملاعب افتراضية لانهائية لكلّ من أراد أن يكتب، فزادت المشكلة تعقيداً، أمام ظاهرة قدمت وجوهاً جديدة استطاعت أن تفرض ذاتها ليس عن طريق الموهبة وحدها. في الوقت الذي تفسح فيه المدن المهرجانات الأدبية، والتي يدعى إليها الشعراء والأدباء عن طريق المعرفة الشخصية. وتبقى المواهب الحقيقية أسيرة الانتظار والتريث. في ملاعب الأدب اليوم مواهب مدفونة بجانب الغثّ، مواهب تحتاج إلى من يحرق أكوام القش لاكتشاف تلك الإبرة.