10 سبتمبر 2025
تسجيلطلب سائل فتوى بشأن أيهما أفضل شراء أضحية وذبحها، أم توزيع مبلغها على الفقراء. وكان الرد من الشيخ الفاضل (إن طرح هذه الأسئلة التي انتشرت في الآونة الأخيرة، كقول بعض الناس: اتركوا الطواف حول الكعبة، وطوفوا حول الفقراء " وقول آخرين: التصدق بثمن الأضحية أفضل من ذبحها وقول غيرهم: لقمة في فم جائع أفضل من بناء ألف جامع.. للأسف هذه الكلمات سواء كنت تعلم أو لا تعلم، الغرض منها هو تزهيد المسلمين في الشعائر الظاهرة التي يظهر بها شعار الإسلام ويتميزون بها عن غيرهم. أو أن من يطلق مثل هذه المقولات يجهل حقيقة الدين وأحكامه الحكيمة وترتيب الأولويات.... فالفقراء موجودون في كل زمان منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا ولم يقل أحد مثل هذا الكلام البارد. إن أغلب من يكثرون من العمرة ممن وسع الله عليهم معروفون بالصدقة وبالتبرعات أيضا، إذ لا يحرص على العمرة غالباً ويكثر منها إلا من كان قلبه عامرا بالإيمان. ولماذا لا تكون المقارنات إلا بين العمرة والأضحية وشعائر الإسلام وبناء المساجد، وبين التصدق للفقراء، لماذا لا يقال: "لا تشتر لحماً مرتين في الأسبوع، واشتر مرة واحدة في الشهر وطف حول الفقراء"، ولماذا لا يقال: لا تشربوا السجائر... وادفعوا ثمنها للفقراء، ولماذا لا يقال: اتركوا قاعات الأفراح والأثمان الباهظة وطوفوا حول الفقراء، لماذا لا يقال اتركوا المصايف والتنزهات وطوفوا حول الفقراء، لماذا تُنفق الأموال في الترف والغناء والأفلام والمسلسلات والمباريات والنت.... ولا تطوفوا بهذه الأموال حول الفقراء. تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب سؤالنا البديهي نحن الآن لماذا لا تتركون لنا شعائرنا نتمتع بها، لماذا تقارنون بين عبادتين كلتيهما ذات فضل، وكأنه يراد للناس أن يتركوا كل شيء وان يهتموا بعبادة واحدة، إن هذه الأسئلة تدبّر بالليل ممن يكيدون لهذا الدين، ثم تخرج بالنهار على المسلمين، فيتلقفها السذج منهم والذين ينخدعون بظاهر العبارة ورونقها ولا يعلمون ما وراءها من عوامل هدم شعائر الإسلام الظاهرة والخفية، الملاحظ إن أكثر من يردد مثل هذه العبارات غالباً لا يطوفون حول الكعبة، ولا حول الفقراء. خلاصة القول عن هذه الأسئلة المشبوهة إن الأضحية أفضل فحافظ عليها ولا تلتفت لهذه الدعوات التي تريد نفي شعائر المسلمين وإذهابها من الوجود، وإذا ذبحت الأضحية وكنت حريصاً على الفقراء بهذا القدر فوزع الأضحية جميعها أو أكثرها على الفقراء، أو تصدق أنت بمالك على الفقراء والمساكين.... واترك لنا أضحيتنا، فإن أبيت وأبى ذهنك إلا أن تزهدنا في شعائرنا فاسكت، إذ أمرنا المولى سبحانه وتعالى وقال: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32 الحج. أحب الأيام الى الله تبدأ يوم غد الخميس أفضل وأحب أيام الى الله يتضاعف فيها الأجر والثواب في أي عمل يقوم به المؤمن تقربا لله تعالى وهي العشر من ذي الحجة، فيجب الاستعداد وشحن القلوب لها، فإذا دخلت هذه الأيام فانطلق في أعمال الخير والتقرب الى الله عز وجل من صيام وقيام وقرآن وذكر وبر الوالدين وصلة الرحم وصدقة وزيارة مريض واجعلوا لسانكم رطبا بذكر الله واكثروا من سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، ففي حديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد، ومن أفضالها أن فيها ( يوم عرفة )، وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام، وله فضائل عظيمة، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، ويوم العتق من النار، ويوم المُباهاة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- أنها قالت: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار، من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء ؟ وكذلك هي أفضل من الأيام العشر الأخيرة من شهر رمضان، لما أورده شيخ الإسلام ابن تيمية وقد سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟ فأجاب: " أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، وكذلك الليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة " أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله: " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره " (فتح الباري). إنها أيام يشترك في خيرها وفضلها الحُجاج إلى بيت الله الحرام، والمُقيمون في أوطانهم، لأن فضلها غير مرتبطٍ بمكانٍ مُعينٍ إلا للحاج. كسرة أخيرة أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولتنا الحبيبة في بيان لها كعادتها في هذه المناسبات، أكدت على عظمة شهر ذي الحجة، والعشر الأوائل منه خاصة، التي أقسم الله تعالى بها في كتابة الكريم تأكيدًا لفضلها، وإن أفضل الأعمال في هذه الأيام، وأهابت بالمسلمين جميعًا اغتنام هذه الفرصة من مواسم الخير، والفرار إلى الله تعالى بالتوبة النصوح، والإكثار من عمل الخير. وقد أقسم الله بها في كتابه الكريم، تأكيدًا لفضلها، فقال تعالى: (والفجر * وليال عشر)، كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم عظيم فضلها بقوله: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام) يعني أيام العشر- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله، قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء). رواه البخاري وغيره، وعلموا أولادكم وزوجاتكم أفضال هذه الأيام العشر، ويا حبذا لو اعد أولياء الأمور برنامجا للعبادات المفضلة في هذه الأيام، كختم القرآن في هذه الأيام أو قراءة أجزاء منه، والتصدق للفقراء والصيام وغيره من العبادات لنشر ثقافة دينية وإقامة شعائرنا الإسلامية على الدوام في بيوتنا وبين ظهرانينا. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]