29 أكتوبر 2025

تسجيل

اندثار الوعي بالدين

29 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); استشرى الغزو الفكرى لديار المسلمين رسمياً ومن ثم كان هناك تركيز واع على المفاهيم الناتجة عن عامل الإلحاد فى الفكر الغربى فى قلب العقل الاجتماعى العربى. وتستند هذه المفاهيم أساسا على إعطاء الأولوية للإنسان كمصدر للوحي والغرض النهائي له. والسيادة المطلقة للعقل في تفسير كل ما يهم الإنسان في حياته وعقائده. اندثر الوعي بالدين وبالوجود الإلهي وانداحت على أهل الإسلام غمامة ظلماء فصار كثير من مُدَّعي التفلسف في عالمنا العربي والإسلاميومُدَّعي التجديد والمغامرين في عالم الفكر لا يستطيعون منها فكاكا. وباتت الرؤية أمام المفكرين المسلمين منذ غزو نابليون ومنهج محمد علي باشا الطموح لحكم مصر حديثة فيها كثير من الضبابية. وبالذات كان أكثر ما رأى المسلمون في نهضة أوروبا هو التطور التقني الذي طغى على منافذ عقولهم والذي وَلّد فيهم شعور دفين بالتخلف وروح إنهزامية رانت على عقول المسلمين على امتداد القرن العشرين. كما انبهروا بباريس وباتوا يمتدحون جمالها وسلاسة حياة أهلها وألَّفوا فيها الكتب ونظموا الشعر. ويبدو أن الأمر كان مبيتا من قبل محمد على ومستشاريه الفرنسيين فلم يبتعثوا لفرنسا إلا الذين حازوا على نصيب من التعليم ’الأزهرى بالذات‘ من طبقات المصريين الأقحاح من أدنى طبقات الهرم الاجتماعى الإقطاعى الذي كان سائدا آنذاك والذين حُجِبت عنهم نظم الحياة المدنية الغربية الحديثة التي كانت حكرا فقط على طبقة الأتراك والألبانيين وبعض أهل الشام والأوروبيين واليهود ونخبة من المصريين. كانت النتيجة الطبيعية هو ذلك الانبهار الذي أَسَر العقول وشل الفكر وألجم الألسنة وزادهم إيمانا بمنطق سلطة العقل فباتوا في صدمة حضارية أثّرت سلبا على مسيرة الفكر في مصر والإسلامي بالذات لعقود من الزمان. وما أظن هناك ما يدل على تلك الحيرة إلا أبيات رفاعة الطهطاوي المشهورة التى نظمها افتتانا بحضارة الغرب حيث كان على رأس أول بعثة مصرية من قبل حكومة محمد علي لفرنسا واصفا باريس بافتتان:أيوجــد مثل باريس ديــــــار شموس العــلم فيـها لا تغـيبوليل الكفر ليس له صبـــاح أمــا هـذا وحقـــكم عجيــــب! وأنا أميل إلى إرجاع سبب الحيرة التي انتابت الطهطاوي وأصحابه عند وقوفهم على الفرق الشاسع بين حضارة أوروبا وتخلف أهل المشرق العربي إلى عدم تمكن أولئك النفر من المسلمين من تبين الفروق الواضحة بين الميزات المعروفة للعقلية الهندية-الأوروبية وتلك التي تتصف بها العقلية السامية-العربية وما يترتب عن ذلك من أولويات في مواقف وتفسير العقل لمظاهر وديناميكية التقدم والحضارة. كما أنه كان من الخلط الواضح أن يُزَج بالعلم المعروف بمفهومه التقني التطبيقي الذي أذهل القوم والذي يعنى بترقية أساليب حياة البشر على الأرض وهو علم ملاحظة وتجريب وتطبيق والذي جاءت دلالاته في القرآن الكريم في عبارات مثل "تقيكم بأسكم ، حلة تلبسونها ، الحديد ومنافع للناس" وهو عِلم مادى متغير ومتطور في الزمان وهو دليل زمنه ويتطلب ترقي الفكر التحليلي والتجريبي ، بمفهوم ذلك العلم الذي يعنى بمنهجية الفكر وفلسفة الوجود ويُعنَى بحكم الأمم وتنشئة الشعوب وبتربية الأجيال.