18 سبتمبر 2025

تسجيل

منازل السائرين إلى الله في رمضان

29 يونيو 2014

يأتي رمضان من كل عام يتدرب المسلم فيه على الطاعة، ليستقيم سلوكه الظاهر من إثر صلاح الباطن، وحتى يصل العبد إلى الله سليما صالحا لابد له أن ينزل في منازل السائرين إلى الله رب العالمين، وأول منزلة نقف عندها: منزلة اليقظة، واليقظة هي: هي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين. فمن أحس بها فقد أحس بالفلاح، وإلا فهو في سكرات الغفلة فإذا انتبه شمر لله بهمته إلى السفر إلى منازله الأولى، وأوطانه التي سبي منها. فحي على جنات عدن فإنها.. منازلك الأولى وفيها المخيم ولكننا سبي العدو فهل ترى.. نعود إلى أوطاننا ونسلم إن أخطر مرض يصيب الإنسان في الدنيا: أن يكون غافلاً عن الله، غافلاً عن نهاية الحياة، غافلاً عن الآخرة. قال تعالى:﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ﴾الله عزَّ وجل لا يخلق الغفلة في قلب العبد، ولكن أغفل: معناها وجدناه غافلاً. قال تعالى:﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ إن القلب إذا حدثت له اليقظة أوجبت له اليقظة الفكرة وهي تحديق القلب نحو المطلوب الذي قد استعد له مجملا، ولما يهتد إلى تفصيله وطريق الوصول إليه.يقول ابن القيم رحمه الله: إذا صحت فكرته أوجبت له البصيرة، فهي نور في القلب يبصر به الوعد والوعيد، والجنة والنار، وما أعد الله في هذه لأوليائه، وفي هذه لأعدائه، فأبصر الناس وقد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحق، وقد نزلت ملائكة السماوات فأحاطت بهم، وقد جاء الله، وقد نصب كرسيه لفصل القضاء، وقد نصب الميزان، وتطايرت الصحف، واجتمعت الخصوم، وتعلق كل غريم بغريمه، ولاح الحوض وأكوابه عن كثب، وكثر العطاش وقل الوارد، ونصب الجسر للعبور، وقسمت الأنوار دون ظلمته للعبور عليه، والنار يحطم بعضها بعضا تحته، والمتساقطون فيها أضعاف أضعاف الناجين. فتنفتح في قلبه عين يرى بها ذلك، ويقوم بقلبه شاهد من شواهد الآخرة يريه الآخرة ودوامها، والدنيا وسرعة انقضائها.