01 نوفمبر 2025

تسجيل

دول الخليج في تقرير الاستثمار العالمي 2014

29 يونيو 2014

كشف تقرير الاستثمار العالمي للعام 2014 والذي صدر حديثا ومصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، عن استمرار ظاهرة ضآلة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لدول مجلس التعاون الخليجي، ما يعد أمرا مقلقا وبحاجة لدراسة.. في المقابل، بدأت بعض الدول الخليجية تتميز بضخ استثمارات مباشرة في الخارج، وهو أمر ليس بغريب في ظل توافر الإمكانيات المالية من جهة والنظرة الدولية للمنظومة الخليجية من جهة أخرى.في المجموع، لم يحدث تغيير مادي بالنسبة لقيمة الاستثمارات الأجنبية الواردة وتحديدا 26.3 مليار دولار في 2013 أي تقريبا نفس الرقم الذي تحقق في 2012 و2011.. يشكل حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة للدول الست أقل من 2 بالمائة من القيمة الكلية للاستثمارات العالمية الواردة في العام 2013 وقدرها 1.45 تريليون دولار، وبالتالي لا تعد من الوجهات المهمة في العالم. مؤكدا، لا يمكن مقارنة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لدول مجلس التعاون مع بعض الدول الرئيسية في هذا المجال، حيث استقطبت كلا من الولايات المتحدة والصين استثمارات بقيمة 188 مليار دولار و 124 مليار دولار في العام 2013 على التوالي.خلافا للاستثمارات الواردة لدول مجلس التعاون والتي حافظت على مستواها السابق، بل تراجعت نسبيا، تم تسجيل نسبة نمو قدرها 9 بالمائة فيما يخص الاستثمارات الأجنبية الواردة على مستوى العالم.وهذا يعني بأن المنظومة الخليجية ككيان تسبح ضد التيار العالمي فيما يخص الاستثمارات، لكن يسجل لكل من عمان والبحرين والإمارات تحقيق نمو في حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة. بالعودة للوراء، استقطبت دول مجلس التعاون استثمارات أجنبية بنحو 40 مليار دولار في العام 2010 ما يعد أمرا مثيرا.بالتأمل في نتائج الدول الست، يلاحظ نجاح الإمارات في أخذ المكانة التقليدية للسعودية كأكبر مستقطب للاستثمارات الأجنبية الواردة في دول مجلس التعاون.. فقد بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة الواردة نحو 10.5 مليار دولار ما يعين تسجيل نسبة نمو قدرها 9.2 بالمائة تماشيا مع النمو العالمي. لا شك، يشكل حجم الاستثمارات أقل من ذلك الذي تم تسجيله في العام 2008 وتحديدا 13.7 مليار دولار أي قبل بروز ظاهرة مديونية دبي.. لكن المهم في هذا الصدد هو قدرة الإمارات على تعزيز مكانتها في مجال الاستثمارات الأجنبية. في المقابل، تواصل مسلسل هبوط الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية بدليل خسارتها للمرتبة الأولى لحساب الإمارات، فقد تراجعت قيمة الاستثمارات الواردة بنسبة 24 بالمائة في 2013 وصولا لحد 9.3 مليار دولار، وكانت الاستثمارات الأجنبية قد حققت رقما قياسيا قدره 40 مليار دولار في 2008 لكن حصل تراجع لقيمة الاستثمارات، حيث هبطت إلى 28 مليار دولار في 2010 و أكثر بقليل عن 12 مليار دولار في 2012. من جهة أخرى، حلت الكويت في المرتبة الثالثة خليجيا باستثمارات واردة قدرها 2.3 مليار دولار في العام 2013، بيد أنه أكثر ما يميز وضع الكويت عبارة عن قيمة الاستثمارات المغادرة والتي بلغت 8.4 مليار دولار في السنة نفسها. ويمكن الزعم بأن هذا ليس بالأمر الغريب على الكويت في ظل وجود نزعة للاستثمار الدولي منذ فترة.. بل تعتبر الكويت سباقة بين دول مجلس التعاون فيما يخص الاستثمار العالي بدليل تشييدها لمصافي لتكرير النفط الخام إلى مشتقات نفطية خارج البلاد.. وقد بلغ الحال لامتلاك الكويت محطات لبيع المشتقات النفطية في عدد من دول العالم أي ما يعرف بالوصول للسواق وبالتالي الاستفادة القصوى من إمكانيات القطاع النفطي، والذي يشكل حجر الزاوية للاقتصاديات الخليجية. فضلا عن الكويت، تتميز قطر بتنفيذ استثمارات أجنبية مباشرة على مستوى العالم، إذ فاقت قيمتها حاجز 8 مليارات دولار في 2013. والحال كذلك للإمارات، وحديثا فقط لجأ طيران الاتحاد والمملوك لإمارة أبو ظبي لخيار شراء حصص مهمة في طيران جيت أيروز في الهند وخطوط أليطاليا في إيطاليا كأمثلة على طبيعة الاستثمارات المغادرة. من جهة أخرى، يسجل لعمان نجاحها في تحقيق أعلى نسبة نمو فيما يخص استقطاب الاستثمارات الأجنبية حيث ارتفعت بواقع 56 بالمائة إلى 1.6 مليار دولار. وتبين أن الأداء الملفت ارتبط أساسا بقدرة السلطنة على استقطاب استثمارات مباشرة لقطاع السياحة وذلك على خلفية توافر البنية التحتية لهذه الصناعة في البلاد. بدورها، تمكنت البحرين من تسجيل نسبة نمو قدرها 11 بالمائة لحجم الاستثمارات الواردة والذي بلغ تقريبا مليار دولار في 2013. مؤكدا، يمثل هذا التطور دليلا على تقدير الجهات الدولية للفرص الاستثمارية في البحرين تقديرا لتوافر عمالية محلية متدربة.. لكن يقل هذا الرقم عن ما تحقق في 2008 حين بلغت الاستثمارات الأجنبية الواردة قرابة 1.8 مليار دولار. تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة دليلا ناجحا على مدى قناعة المستثمرين الدوليين بأهمية الاستثمار في مختلف الدول، وذلك بالنظر للآفاق المستقبلية لتلك الاقتصاديات.. بل يوجد تقدير عالمي لأهمية الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومساهمتها في حل التحديات الاقتصادية المحلية مثل تطوير البنية التحتية وتعزيز المنافسة في السوق المحلية وإيجاد وظائف جديدة للمواطنين وتطوير التشريعات. وعليه، تتميز الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتعبيرها عن مدى التزام الجهات المستثمرة للاقتصاديات المستقطبة لها خلافا الحال مع الاستثمارات الذاهبة لأسواق المال والتي تتميز بسرعة التخلص منها سواء لتحقيق أرباح أو الحد من الخسائر. حقيقة القول، تتنافس نحو 200 دولة في العالم لاستقطاب الاستثمارات المباشرة بغية إقامة مشاريع تجارية وتنموية من تنفيذ مشاريع متنوعة وبالتالي المساهمة في عجلة التنمية.. باختصار، تؤكد الدراسات بأن المستثمرين الدوليين يرون أن هناك عوامل رئيسية تجذبهم للاستثمار في منطقة ما مثل البيئة التجارية وحجم السوق ونوعية البنية التحتية المتوفرة وإنتاجية العمالة.