10 سبتمبر 2025

تسجيل

صلاح الأبناء من صلاح الآباء

29 مايو 2024

مر شاب على بستان وكان جائعاً وأكل تفاحة من هذا البستان حتى ذهب جوعه، ولما رجع إلى بيته، بدأت نفسه تلومه فذهب يبحث عن صاحب البستان، فلما وجد صاحب البستان قال له: بالأمس بلغ بي الجوع مبلغاً عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهذا أنا اليوم استأذنك فيها. فقال له صاحب البستان: والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند اللّه، فتوسل له أن يسامحه إلا أنه ازداد إصراراً وذهب وتركه، ولحقه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر، فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفاً فقال له الشاب: يا عم إنني مستعد للعمل فلاحاً عندك من دون أجر ولكن سامحني!. قال له صاحب البستان: أسامحك لكن بشرط أن تتزوج ابنتي! ولكنها عمياء، وصماء، وبكماء، وأيضاً مقعدة لا تمشي فإن وافقت سامحتك، قال له الشاب: قبلت ابنتك. قال له الرجل: بعد أيام سيكون زواجك من ابنتي. فلما جاء الشاب: كان متثاقل الخطى، حزين الفؤاد طرق الباب ودخل قال له تفضل بالدخول على زوجتك فإذا بفتاة أجمل من القمر، قامت ومشت إليه وسلمت عليه ففهمت ما يدور في باله، وقالت: إنني عمياء من النظر إلى الحرام، وبكماء من قول الحرام، وصماء من الاستماع إلى الحرام، ومقعدة لا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام، وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها، قال أبي «إن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له، حري به أن يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك”، وبعد عام أنجبت هذه الفتاة غلاما، كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة أتدرون من ذلك الغلام ؟ هـو الإمام «أبو حنيفة»، الولد الصالح من النبت الصالح. * من مات على الإيمان، وكانت ذريته وأبوه وأمه وزوجه من أهل الإيمان أيضًا، فقد وعده الله عز وجل بأن يجمعهم معه في الجنة، وسيلحق أسفلهم بأعلاهم درجة في الجنة، كما قال الله سبحانه في محكم تنزيله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)، فإن الآية الكريمة تدل على أن الذرية يلحقون بآبائهم في درجاتهم، ويرفعون في درجاتهم، وإن لم يكن عملهم كعمل آبائهم، واعلموا أن هذه الآية لا يقصد بها الأب دون الأم، وإنما يقصد بها كل الذين آمنوا - من ذكور وإناث - وكلمة الذين يدخل فيها الآباء والأمهات، لذلك وجب علينا ان نكون قدوة لأبنائنا حتى نحقق أمنياتنا أن نراهم من الصالحين كما يرجو كل أب وأم ان يكون أبناؤه أفضل منه، وهذه رسالتنا في الحياة يجب الا نتهاون في أدائها، ومن منا لا يتمنى أن يرى ابناءه أحباءه في الجنة يراهم ويعيش معهم كما وعدنا الله تعالى في هذه الآية الكريمة. كسرة أخيرة على الأبوين أن يبدؤوا بتربية أبنائهم من الصغر وذلك بتعليمه العبادات أولاً وأولها الصلاة التي حث النبي صلى الله عليه وسلم الوالدين في الحديث الشريف وقال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)، وهذا أساس تربية العبادات ثم يأتي التعود على الصوم وتعليم فضائله، ثم يأتي زرع الخلق الحسن في قلب الابن بالحب والبعد عن القسوة والعنف، ثم بالقدوة فحين يرى الطقل أبويه صادقين مثلاً يتعلم منهما ذلك، كما أنه يجب أن يُمدح الطفل اذا فعل سلوكا حسنا ليتعود عليه، وهناك أمور تربوية غير مباشرة للأبناء مثل الدعاء لهم بالصلاح، واختيار الاسم الطيب المناسب، والعدل بين الأبناء في التعامل ومعاملتهم برفق ولين ورحمة، واتباع أسلوب المكافأة دائما والتنويع في أسلوب العقاب وعدم تكلفتهم بما لا طاقة له به، والوضع في الاعتبار ان البنات لهن تربية خاصة غير تربية الأولاد ولو اهتممنا بهذه الأساسيات فالنتيجة هي صلاح الأبناء وخلق جيل صالح يفيد الأسرة أولاً ثم المجتمع من حوله.