18 سبتمبر 2025
تسجيلمن الذكريات التي لا تُنسى في الزمن الجميل، العلاقات التي كانت بين الناس فيما مضى من سالف الأيام فلا تُعد وجبة إلا كان لذوي القربى والجيران القريبين والبعيدين نصيب منها، وترى في فترة ما قبل المساء عددا كبيرا من الصبيّة يقومون بتوصيل هذه الوجبات، فالجميع يتبادلون ذلك وخاصة من ميسوري الحال، وطبعا تكون في بعض الأحيان الوجبة التي نحملها مغرية لدرجة أننا كنا نتذوق منها كل ما هو زائد على الأطراف، وكم هو جميل إذا كان ما نسميه الصحن ممتلئا فتستطيع أن تأخذ راحتك في الأكل، وكانت من الوجبات ذات الشعبية الكبيرة التي يُّوزع منها على الأهل والجيران في زمان كان للجار حق كبير على جاره وجبة الهريس فمن بالله عليكم لا يعرف الهريس ولا مضرابة الهريس التي يُضرب بها الهريس ضربا مستمرا لمدة ساعتين أو أكثر ليتحول من حب إلى شبه سائل ليّن، فتلك الوجبة اللذيذة وخاصة إذا وضع السمن البلدي المسمى بالدهن القطري عليها، فالسمن يزيدها لذة فوق لذة فلم يكن أحد يفكر كاليوم بأمراض الشرايين ولا الكولسترول والسكر والضغط فالكل كان يتحرك كثيراً ويحرق بسرعة ما زاد من الطاقة في جسمه، فلا يعطيه فرصة لكي يتحول إلى دهون وأشياء سلبية كثيرة، كذلك من الوجبات الأُخرى المشهورة الساقو والمصرصر وهذه وجبات يدخل السكر فيها والنشا فهي حلوة المذاق وأشياء كثيرة ربما البعض منها أُسدل عليه الستار ونساه الناس في خِضم هذا الكم الهائل من الوجبات العالمية ومختلف أنواع الحلويات الشرقية والغربية التي تسحب البساط رويداً رويدا عن وجباتنا المعروفة، يا سبحان الله حتى علاقات الناس في هذا الزمان تختلف عما كان في الماضي التي كانت بسيطة مبنية على المحبة والتآخي فتعال أنظر هذه الأيام لا تبنى العلاقات إلا على المصالح المشتركة والمتبادلة ما عندك مصلحة لا تلزمني! والدليل أنظر لمن كان عنده منصب دسم تتوافد عليه الضيوف والعزائم والهدايا وبعد أن يُغادر المنصب ترى مجلسه العامر هشيما تذروه الرياح كأنه لم يُغن بالأمس! بل أصبح الناس يتنافسون في العزائم طول الأسبوع أكل شحم ولحم والكل يستعرض عليهم أثاث مجلسه وطاولته الفريدة إلى أن يصل لمرحلة ألا عودة في المستشفى يشكو شر بطنه، والسؤال لماذا لا يعزمون فقيرا أو مسكينا فمثل هؤلاء ليس لهم مكان عند أهل المصالح فهم كالدلافين يعيشون في مجموعات وأصبحوا ممثلين كلٌّ يمثل على الآخر وفي نفس الوقت كل واحد عنده كومبارس فرحم الله أمرؤ عرف قدر نفسه! كذلك لم يعد الجيران يعرفون بعضهم بعضا إلا ربما السلام من بعيد فلا زيارات متبادلة حتى في الله فالبعض لا يعرف حتى اسم جاره بينما الرسول الكريم وصى على سابع جار وكل عام وأنتم بخير.....