18 سبتمبر 2025
تسجيلبعد مرور أكثر من خمسة أشهر على انتشار وباء فيروس كورونا فقد تأكد بما لا يدعو مجالاً للشك أن هذا الوباء قد لقن العالم دروساً قوية في التواضع رغم جبروت العالم وأسلحته الفتاكة ووقف هذا العالم المتجبّر حائراً في هزيمة هذا الفيروس الذي لا يُرى بالعين المجردة، إنها إرادة المولى عز وجل، إرادة تجعلنا كمسلمين نتدبر القوة الإلهية الخارقة والمسيّرة لهذا الكون وتجعل العالم كله عاجزاً أمام أصغر مخلوقاته وهو القائل في محكم تنزيله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ • إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ • وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ • ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج ٧٣ واتضح لنا جلياً أن هزيمة هذا الفيروس لن تتحقق إلا بوحدة وتضامن هذا العالم مجبراً على ذلك وليس مخيراً مهما اختلفوا وتشتتوا وتخاصموا وتحاربوا فيما بينهم. الإنسان هو المتسبب في تخريب البيئة وجعلها صالحة لانتشار الأوبئة نظرا لجشع البشرية في التسابق نحو جمع المال ولا يهمهم تلوث الطقس وهو السبب المباشر في حرمان البشرية من التمتع بأجواء صحية خاصة الدول الصناعية الكبرى التي أهملت صحة الإنسان واهتمت بصحة الاقتصاد وكانت النتيجة النموذج الاقتصادي الذي نعيشه حاليا الذي وصل بنا من الجشع إلى درجة لم يسبق لها مثيل ووصل بنا إلى درجة من الأزمات لا سابق لها، منذ عشرينيات القرن الماضي إلى اليوم نعيش حالات متزامنة من الأزمات، لكن الجشع يزداد والطمع يزداد و1 بالمائة يسيطرون على ما يعادل أملاك 3.8 بليون شخص في العالم. ونحن ثقتنا كمسلمين في قضاء الله وقدره كبيرة لذلك لا ملجأ إلا إليه وهو القائل (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)(112)النحل. ستمر جائحة كورونا وسيتعافى العالم من هذا الوباء ولكن ستظل آثاره تمتد لشهور عديدة وستتغير كثير من عاداتنا السابقة وستغير كثير من الدول موازينها الاقتصادية والصحية ومن الإيجابيات السامية من آثار هذا الوباء أن الدول ستهتم بالإنسان كأقوى خط دفاع لها أمام أي كارثة أو وباء يهدد العالم وحان الوقت أن تتحد دول العالم وترمي بخلافاتها وصراعاتها الجانبية وراء ظهورها وتجاهد وتصارع أن تكيف حياتها في الأوضاع الجديدة التي ستخلفها آثار هذا الوباء ربما لعشرات السنوات ونحن في دولة قطر وبحكمة قيادتها الرشيدة، دولتنا مهيأة لتقبُل العيش في الأوضاع الجديدة بما نملك من مقومات متينة في علاقاتنا الدولية المتوازنة مع كل قارات العالم وأكسبتنا سياستنا المحايدة الكثير من الأرضيات الصلبة للوقوف بقوة أمام العالم الجديد مما جعلنا قبلة لكثير من دول العالم المتصارعة فيما بينها لتجد قطر هي الملاذ الآمن لها حتى إن ذلك أكسبنا ثقة المنظمات الدولية لتجعل من الدوحة مقرا لها لكثير من مكاتبها التي تدير حل كثير من الأزمات العالمية الصعبة ولنا أن نفخر بهذه المكانة الرفيعة بين دول العالم وندعو الله أن يديمها نعمة علينا ويحفظ بلادنا من شر هذا الوباء ويخفف عنا البلاء. كسرة أخيرة هناك سنن خلقها الله سبحانه وتعالى لحفظ الميزان الطبيعي، وهذه السنن إذا لم يراعها الإنسان وأخلّ بها فإن آثارها تكون مدمرة. • كاتبة صحفية وخبيرة تربوية [email protected]