11 سبتمبر 2025

تسجيل

كلاسيكية جديدة

29 أبريل 2015

وصلني منذ أيام مقطع مسجل (يوتيوب) لنص شعري جميل ومدهش، لشاعر شاب هو محمد عبدالباري الذي بدأ اسمه يطرق الأسماع في الفترة الأخيرة، وانتشرت له مقاطع شعرية في فضاءات (اليوتيوب) تنتمي إلى ما يمكن تسميته الكلاسيكية الجديدة، والتي تقوم على التجديد ضمن القالب الخليلي، وتراهن على النجاح من خلاله، وقد بدأت هذه الموجة على يد شعراء كبار منهم الراحل عبدالله البردوني. هناك أكثر من أمر يجب التوقف عنده، فالمقطع مسجل باحترافية عالية، في صالون أدبي لشاعرة كويتية مقيمة في مصر هي ميس السويدان، وهو صالون حديث، ولكن المتابع لنشاطه الذي يصلنا عن طريق مقاطع الفيديو سيرى نجاحاً منقطع النظير، فالصالون محطّ اهتمام الشعراء المصريين المعروفين كأحمد عبد المعطي حجازي وحسن طلب ومحمد الشهاوي وكثير من الشباب كأحمد بخيت، كذلك يجد المتابع مقاطع لشعراء عرب يزورون القاهرة كالعراقي سعدي يوسف.وفي الوقت ذاته يمكن الإشادة بتلك المقاطع المسجلة بإتقان والتي وصلت مشاهدتها إلى أعداد غير مسبوقة، ممّا يؤكد أن الشعر صوت قبل كلّ شيء، وأنّ ازدهار الشعر ارتبط بالشفاهية، وبخاصة إذا كان الشاعر يمتلك موهبة الإلقاء.لكن المسألة التي نريد الوقوف عندها، هي جدوى المحاولات الشعرية التي تحاول بناء عمارات حديثة في الحواضر القديمة، وهل يمكنها تمثل البنية التحتية للحداثة؟لعل أصحاب التجربة متفائلون بالثمار التي يقطفونها الآن، وهم يعيدون تسويق التراث، بتطعيم نصوصهم بأصداف ملونة، تذهب بالنص إلى طبيعة المنحوت، وليس المرسوم، فالنصوص التي قرأناها متخمة بالإشارات الشعرية والثقافية التي تؤكد سلطان الماضي على الحاضر بحسب الجابري، وهذه مشكلة أيضاً. لكن الطامة الكبرى عند بعض المهتمين بالتجربة العربية الحديثة يرون أن سوء النية متوفر عند شعراء هذه التجربة، لأنهم بدلاً من مساهمتهم في بناء النص الجديد، يذهبون إلى مغازلة أنصاف المثقفين وغير المحسوبين على الشعر، فينجحون في كسب (غاوين) جدد، لا يمتلكون أدوات قراءة الشعر الحديث، كما يغازلون النقاد الأكاديميين الذين اتخذوا موقفاً متطرفاً من الحداثة، فوجد هؤلاء سنداً لهم في شعراء هذه التجربة، ودليل النجاح أنهم صاروا يتصدرون المشهد الأدبي في الفضائيات والمهرجانات.