03 أكتوبر 2025
تسجيلفي الأسبوع الماضي، وفي مدينة أبو ظبي، منحت الجائزة العالمية للرواية العربية، أو البوكر العربية كما يطلق عليها، لأول مرة، لكاتب شاب من الكويت، هو سعود السنعوسي، عن روايته ساق البامبو الصادرة عن الدار العربية للعلوم. لقد بدا لي ولعديد من المهتمين بالشأن الثقافي، والمتابعين لأعمال هذه الجائزة، وبمجرد ظهور القائمة الطويلة، ضامة لكتاب جدد، أن انقلابا ما سيحدث في رؤية المحكمين هذا العام، وحين ظهرت القائمة القصيرة بعد ذلك، لم تكن مفاجأة لي، برغم أنها استغنت عن أعمال جليلة لكتاب لامعين، مثل قناديل ملك الجليل لإبراهيم نصر الله، وأصابع لوليتا لواسيني الأعرج، لكنها بالمقابل ضمت عملين أعتبرهما جيدين للغاية، هما يا مريم للعراقي سنان أنطون، وساق البامبو التي منحت الجائزة بعد ذلك، وكان كثيرون يتوقعون أن تذهب للمصري إبراهيم عيسى، عن رواية انتقد فيها رجال الدين الذين يظهرون في الفضائيات العربية، هذه الرواية برغم فكرتها الجديدة، وجرأتها في مناقشة ذلك النشاط، إلا أنها كتبت بطريقة أشبه بطريقة المسلسلات التلفزيونية، وكان فيها كثير من الزوائد التي تحتاج لمعالجة. يا مريم، تحدثت عن الشأن العراقي، وكانت كتابة راقية كما أعتقد، وساق البامبو بالمقابل، تحدثت عن وجود العمالة الآسيوية في منطقة الخليج، وتداعياتها ومشاكلها، وأيضا مسألة الهوية الغائمة لبطل من أب عربي وأم آسيوية، لقد كانت جريئة في طرحها أيضا، وتخبر بموهبة حقيقية لسعود السنعوسي، استحق أن يحصد ثمارها باكرا. لا يوجد استغراب هنا، ما دامت الجائزة تتعامل مع النصوص بعيدا عن الأسماء كما يجب أن يحدث، تماما كما تفعل الجائزة البريطانية الأصلية، حين تقصي كاتبا كبيرا، وتتوج كاتبا صغيرا، سيكبر ذات يوم، وأذكر العام الذي منحت فيه لكاتب هندي شاب، وبرواية أولى، وخرج عدد من أباطرة الكتابة، ومحترفوها من القائمة الطويلة بلا أي ضغينة. وبعضهم لم يدخل القوائم أصلا، وحين منحت في عام آخر لجوليان بارنز عن رواية عاطفية صغيرة الحجم، وأقصت روايات ضخمة، لم يكن ثمة استغراب أيضا، فقد رأى المحكمون أن هذه الرواية الصغيرة، تستحق ومنحوها. هناك أمر آخر، لا بد من الإشارة إليه، وهو أن الأمر في النهاية يخضع للتذوق الشخصي للمحكم، ولا يعني بالضرورة أن الروايات التي استبعدت، سيئة، والتي فازت جيدة جدا، هي في النهاية مغامرة من الكاتب أن يلقي بنصه في المسابقات ودائما ثمة رابح وخاسر، وأعتقد أن الكاتب يجب أن يستمر في تنويره، وتزويد قرائه بالجديد، سواء إن ربح أو خسر في مسابقات الجوائز، وعلى الذين لديهم حساسية من الخسارة، ألا يغامروا بدخول المسابقات. أخيرا تهنئة شخصية للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، متمنيا له إبداعا جديدا وكثيرا، بعيدا عن تداعيات الجائزة، التي ربما تشغله.