12 سبتمبر 2025
تسجيلقلت مرة وأنا أتحدث عن رواية: «قصة عن الحب والظلام» للإسرائيلي عاموس عوز، تلك الرواية المذهلة الضخمة، التي اصطلح أنها سيرته الذاتية، إن عاموس لم يسع إلى غسل ماضيه، أي لم ينظف سيرته من تلك الأشياء التي تعتبر وسخا، ونسعى كلنا للتخلص منه قبل نشر السيرة، لكنه سعى إلى كتابة عمل يوضح حقيقة حياته، وحقيقة ما في صدره من صلف عنصري، تجاه وطن لم يكن وطنه، وإنما اغتصب وتم احتلاله غدرا، هو لا يكبت الشعور بالعدائية، ولا يتحدث عن جذوره بأي خجل وحتى علاقاته النسائية، وفورانه الاستفزازي، وباختصار كل شيء، لذلك جاءت تلك الرواية الضخمة، ثرية جدا، ويمكن إكمالها في زمن قياسي، على الرغم من عدد صفحاتها الذي تجاوز الثمانمائة صفحة، هنا لن ننظر للأمور بعدائية، لن نستعر غضبا ونلقي بالكتاب، بل نتعرف بكل هدوء على ما يكنه المحتل من مشاعر، ونفكر في صيغة مثل صيغته للرد، هو لم يحمل سلاحا واقعيا، يشهره هنا وهناك، وإنما سعى لاستخدام الأدب كسلاح، ولطالما آمنت بوجود أسلحة كثيرة مخبأة في الأدب، ولكن كثيرين لا يعرفون كيف يستخرجونها، ويستخدمونها عند الضرورة، أعرف أن كثيرين لم يقرأوا قصة عن الحب والظلام، لأنها من نسج عدو، وأعرف أن كثيرين لن يقرأوها، وبالتالي ستظل تلك الإحساسات المترفة، المزعجة غائبة عنهم بلا شك. هناك رواية مهمة للتركي أورهان باموق، تدخل في تصنيف الروايات ذات الوزن الثقيل، ولكن الممتعة أيضا، وهي رواية «ثلج»، التي قصد من كتابتها مناقشة أشياء كثيرة في مجتمعه، أهمها ظاهرة حجاب الفتيات، وقد جعل بطله: كا، صحفيا يتحرى عن مسألة انتحار فتيات محجبات، وبعد ذلك دخل في مناقشة الظاهرة. باموق ليس مثل الإسبان، يكتب ببهارات خاصة، ويوظف خيال الكتابة بعيدا وليس أيضا مثل عاموس، يتحدث بانتفاخ وعضلات عنصرية كبرى، هو كاتب واقعي جدا، وبدا لي أن الرواية كانت مقصودة بالفعل لمناقشة أفكار محددة بدون أن يبدي ككاتب وجهة نظره. هذه أيضا رواية ضخمة، وكثيرة العوالم، وستأخذ زمنا طويلا من أجل إنهائها لكنها ستنتهي في النهاية.