13 سبتمبر 2025
تسجيلكان ظهور الإنترنت في الواقع، هو الإنجاز التكنولوجي المذهل الذي سيخيم بثقله على شتى النشاطات، ويلغي أو يهمش ببرود شديد، إنجازات سابقة للإنسان كانت مهمة في زمانها، مثل اختراع الثلاجة، والتلفون، واللاسلكي الذي ساهم بضراوة في وصل البعيد بالقريب وفي أزمنة الحروب، حين كان لابد من اتصالات بين النقاط المختلفة في جحيم الحرب. أذكر في عام 1995، حين أخبرني صديق بأن هناك شبكة عنكبوتية، ستظهر خدماتها في بلادنا قريبا، أخبرني عن مزايا تلك الشبكة، وكيف أن الأخبار والصور والتعليقات يمكن أن تنتقل عبر سلك التلفون العادي إلى أي مكان في الدنيا يملك الخدمة نفسها. كان شيئا غريبا يصعب تذوقه، لكنه حدث، واستطعنا بعد سنوات قليلة من ذلك الخبر أن نتواصل عبر الشبكة، ننقل أشياءنا التي نريدها أن تنتقل لأماكن أخرى، ونتلقى الأشياء التي نريدها أن تأتي، ظهر البريد الإلكتروني، “هوت ميل” كأفضل ناقل للرسائل، ظهر الياهو كباحث يعتمد عليه عند الضرورة، قبل أن يقضي جوجل بخدماته المتعددة، على سطوته، ثم ظهرت أخيرا وسائط التواصل الاجتماعي، تويتر وفيس بوك وغيرها من الآفات التي يلتحم فيها الناس في صداقات قد تكون ناجحة وقد تكون تحمل إخفاقها العظيم، ومتابعات قد يكون بعضها للمعرفة وبعضها لمجرد التلصص على أشخاص لم يكن بالإمكان التلصص عليهم إلا بهذه الطريقة.أردت أن أقول بأن كل الناس سارعت إلى إنشاء صفحات لها على مواقع التواصل، الذي يملك سلعة يريد أن يعرضها للآخرين ويروج لها، والذي لا يملك أي شيء، حتى ذكريات عائلية بسيطة، وتطبيقا لمقولة الحابل والنابل القديمة، فقد اختلط بالفعل حابل وسائط التواصل بنابله، أصبح كل من يريد أن يصبح صديقا لأحد ما، صديقا له بالفعل، وكثرت المناداة بكلمة يا صديقي، حتى لتخال الناس كلهم أصدقاء للناس كلهم. أعتقد أن هناك إيجابيات كبرى في ذلك الامتزاج الكبير، منها التخفف من تعب الحياة وقضاء أوقات طيبة رفقة أصدقاء بعيدين، ربما كانوا سيكونون أصدقاء حميمين لو لم يعيشوا في ذلك البعد الشاهق، وأيضا ثمة سلبيات كثيرة، أعود إليها في مقال آخر.