03 نوفمبر 2025

تسجيل

ضخامة الاستثمارات القطرية في العالم

29 أبريل 2012

الاستثمارات القطرية عبارة عن رسل خير للعالم، فمن حسن الحظ أن هذه الاستثمارات ضخمة في الوقت الحاضر والأهم من ذلك أنها مرشحة للنمو في السنوات القادمة. وخير دليل على مدى التقدير الدولي للاستثمارات القطرية هو قيام السلطات في تونس حديثا بتقديم عرض لقطر لشراء أذون خزانة تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار. يكمن الهدف وراء هذه الخطوة في مساعدة تونس في تجميع تمويلات خارجية تصل إلى 5 مليارات دولار خلال 2012 لمساعدتها في التحديات الاقتصادية التي تواجهها بعد مرور أكثر من عام على سقوط نظام زين العابدين بن علي وتشكيل حكومة برئاسة الإسلاميين انسجاما مع نتائج الانتخابات النيابية.وتبين حديثا من خلال استضافة قطر للمنتدى العالمي الثالث بالتزامن مع الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمعروفة اختصار باسم (الأونكتاد) بأن السلطات القطرية سوف تستثمر 30 مليار دولار في العام 2012 وحده. كما تمت الإشارة إلى أنه ليس من المستبعد أن تكون القيمة الكلية للاستثمارات السيادية لقطر والمنتشرة في أنحاء المعمورة قد تجاوزت حاجز 100 مليار دولار. يعد حجم الاستثمارات في الخارج ضخما قياسا ببعض الإحصاءات المتعلقة بالاقتصاد القطري والذي بدوره يبلغ 197 مليار دولار استنادا للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية أي غير المعدلة لمتغير التضخم. وفي هذا الصدد تجددت المخاوف حديثا من عودة التضخم أي ارتفاع الأسعار وبقاءها مرتفعة لأسباب لها علاقة بأسعار النفط في الأسواق الدولية. تشمل التداعيات السلبية لارتفاع أسعار النفط قيام الدول المستهلكة مثل ألمانيا والهند والصين واليابان برفع أسعار منتجاتها المستهدفة للأسواق الدولية بقصد التعويض أينما كان ممكنا. والنتيجة عبارة عما يعرف بالتضخم المستورد بالنسبة لقطر وباقي دول مجلس التعاون الخليجي. كما يعد حجم الاستثمار المخصص للعام الجاري كبيرا قياسا بحجم النفقات العامة. صحيح أنه لم يتم الكشف حتى الآن عن ميزانية السنة المالية 13-2012 لكن تم اعتماد 38 مليار دولار كنفقات للسنة المالية 12-2011. وربما فاق الرقم الفعلي النهائي عن المشار إليه على خلفية تعزيز الإيرادات العامة بالنظر لارتفاع أسعار النفط وبالتالي رفع مستوى الصرف. الجدير ذكره أنه قد تم افتراض متوسط سعر محافظ لأقصى درجة لمتوسط سعر النفط في ميزانية 12-2011 وتحديدا 55 دولارا للبرميل أي تقريبا نصف الرقم السائد في الأسواق العالمية الأمر الذي أفسح المجال أمام ارتفاع الإيرادات والنفقات. لكن ما يميز قطر عن سائر دول مجلس التعاون الخليجي هو أن دخل النفط الخام يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية لإيرادات الخزانة العامة بعد الغاز.عودة لموضوع المقال تتميز استثمارات قطر بالتنوع في العديد من القطاعات في شتى بقاع العالم وهي خطوة جديرة. ففيما يخص بريطانيا على سبيل المثال استحوذت شركة قطر القابضة والتي تعد بمثابة الذراع الاستثمارية لهيئة قطر للاستثمار على ملكية متاجر (هارودز) الشهيرة والتي يرتادها 15 مليون زائر بمبلغ قدره 2.2 مليار دولار. وفي بريطانيا أيضا تعتبر قطر المستثمر الأبرز في شركة (سالزبري) العاملة في مجال البيع بالتجزئة عبر امتلاكها لنحو ربع أسهم المؤسسة. مؤكداً يعود جانب حيوي من التقدم الاقتصادي القطري بما في ذلك القدرة على الاستثمار الدولي للزيادة المضطردة في إنتاج الغاز. تبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر 77 مليون طن سنويا مقارنة مع 54 مليون سنويا في العام 2011. وحسب أفضل التقارير تتمتع قطر بقدرة تعزيز مستوى الإنتاج إلى 120 مليون طن سنويا لكن يبدو أن هذا ليس خيار الجهات المسؤولة في الوقت الحاضر حيث التركيز على الاستفادة القصوى من المستوى الحالي للإنتاج. يشار إلى أن قطر تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال تماما كما هو الحال مع السعودية بالنسبة لتصدير النفط الخام. وقد نجحت قطر قبل عدة سنوات في أخذ الصدارة من إندونيسيا بل وعززت من الصدارة. الأمر الجميل فيما يخص قطاع الطاقة هو التنوع في توزيع الغاز الطبيعي المسال على مختلف الأسواق الدولية. أما أكثر الدول استيرادا للغاز الطبيعي المسال من قطر فهي بريطانيا والهند وكوريا الجنوبية واليابان. حقيقة القول: تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران لكن يسجل لقطر نجاحها في استقطاب شركات غربية خصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. فاستنادا لتقرير متخصص لشركة (بريتيش بتروليوم)، تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 23.9 و15.8 في المائة و13.5 في المائة على التوالي. بمعنى آخر يبلغ حجم الاحتياطي القطري المكتشف من الغاز أكثر من 25 تريليون متر مكعب. وكما يقال فإن الخير يعم بالنظر لاستفادة العديد من الدول الواقعة في قارة آسيا من الأداء النوعي للاقتصاد القطري والقدرة على الاستثمار. يشكل المواطنون نحو 20 في المائة أي أقلية السكان في قطر. فضلا عن رعايا جنوب آسيا مثل الهند وتمثل الجالية الفلبينية نحو 10 في المائة من السكان، ومن جملة الأمور يتميز رعايا الفلبين بالتفاني في العمل من جهة والرغبة في الصرف من جهة أخرى.بدورهم يقوم العمال الوافدون بإرسال أموال إلى أحبتهم في بلدانهم وعليه فرصة تعميم الفائدة. وحسب أرقام حديثة صادرة من البنك الدولي بلغت قيمة الأموال المحولة من قطر حوالي 6 مليارات دولار في العام 2011 ما يعد رقما ضخما قياسا مع قيمة الاستثمارات السيادية. وربما هذا يفسر لماذا كل الطرق تؤدي إلى قطر هذه الأيام حيث الفرصة لتقديم العون للدول والأفراد.