15 سبتمبر 2025

تسجيل

تمنيت أن يشبع أبي قبل أن يموت

29 مارس 2023

الكثير من الناس عندما يريدون إخراج زكاة أموالهم، يؤكّدون على أن لا تُعطى إلّا لليتامى أو الأرامل هل يجب أن يموت الفقير حتى تتصدق الناس على أولاده؟!!! تقول إحدى الطالبات: كنا في المرحلة الثانوية، وكنا في أوقات الاستراحة نجتمع مع بعض الصديقات ونضع فطورنا مع بعض دون أن تعرف إحدانا ماذا جلبت الأخرى. وكانت هناك طالبة مسكينة لم تكن تجلب معها شيئاً، فأقنعتها بالجلوس معنا، لأنه لا يدري أحد من جلب الطعام. واستمر الحال هكذا لفترة طويلة إلى أن اقترب وقت تخرجنا من الثانوية وقتها توفي والدها وتغير حال هذه الطالبة المسكينة، فأصبحت في وضع أفضل من ذي قبل، تعتني بلباسها وتأتي بالطعام يعني صارت بوضع جيد. فتوقعت أنها ورثت شيئاً من أبيها. فجلست معها وقلت لها: ماذا جرى معك ؟ ما سر هذا التغيير؟ فأمسكت بيدي وبكت وقالت: والله، كنا ننام بلا عشاء، وأنتظر ذهابي للمدرسة صباحاً لكي أتناول الطعام معكم من شدة جوعي، وكانت أمي تخبئ خبز العشاء لفطور الصباح لإخواني، فأخرج باكراً من البيت متعمدة لكي أوفر لهم زيادة من الطعام... والآن بعد أن مات أبي، أصبح كل من حولنا من أقارب ومعارف وأصدقاء يعطوننا ويعتنون بنا، كوننا أصبحنا أيتاماً. قالت لي بالحرف: ( تمنيت أبي يشبع قبل ما يموت ) قالتها بحرقة والدموع ممزوجة بأحرف كلماتها قالت لي: ( يعني ما علم هؤلاء أننا محتاجين إلا بموت أبي ؟) بكت بحرقة وهي تقول هذه الكلمات ومازلت أحس بحرارة دموعها، وحرقتها إلى الآن. هل يجب أن يموت الإنسان الفقير حتى يشعر الأغنياء بأولاده الأيتام؟ ما بال الناس اليوم ؟ أين الإنفاق ؟ أين الزكاة ؟ أين صلة الرحم ؟ أين إغاثة الملهوف؟ أين الرحمة؟ قال رسول صلى الله عليه وسلم: ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً) الشهر الفضيل فرصة للتغيير اذا كانت عاداتنا التي اعتدناها أن نعطف على أولاد الأيتام والأرامل يجب أن تتغير هذه العادة ونذهب الى عطاء أكبر ونتفقد الأسر العفيفة، ونتفقد الأقرباء والجيران والأصدقاء لعل فيهم من يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف والله إن في دهاليز حياة بعضهم آلام لا يسمع أنينها إلا الله تعالى، أنفقوا ينفق الله عليكم. فضل الصدقة إلى جانب الشهادتين وإقامة الصلاة، فإن الصدقة هي واحدة من ثلاث عبادات ينال معطيها ثوابا عظيما بإذن الله تعالى في الدنيا والآخرة، إذا بدا ذلك غريباً، فللصدقة عدة فضائل وفقاً للأحاديث المؤكدة عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، ووفقا لعلماء موثوق بهم أهمها أنها سبب في دفع البلاء ورفع الأمراض البدنية عن المتصدق والشفاء منها، كما أنها هي سببٌ في نشر السعادة والسرور في قلوب المساكين، ويُعد إدخال السرور على المؤمنين من أفضل الأعمال، وهي ايضاً سببٌ في زيادة المال والبركة فيه، كما أن الصدقة وسيلةٌ في دفع الابتلاءات والعواقب السيّئة عن المُتصدِّق، إذ تعد الصدقة من صنائع المعروف. كسرة أخيرة نبني مجتمعنا حسب الهيكل الاجتماعي للأسرة المسلمة مع بعضها البعض، لذا تعتبر الصدقة هي التماسك الأخلاقي لهذا الهيكل الاجتماعي، هذا هو السبب في أن الكتب المرسلة من السماء والأنبياء، الذين شكلوا الشعوب التوحيدية توصي جميعها على التكافل المادي، ورعاية الفقراء مادياً بيننا. فالأديان السماوية، التوحيد القائم على الكتب السماوية، جعلت الرعاية المادية للفقراء واجبا أخلاقيا مركزيا لمجتمعاتهم الدينية وأتباعهم، علاوة على ذلك، يخبرنا القرآن أن هذه ليست قصة تطور نحو الإيمان بالله الواحد، بدلاً من ذلك لا يظهر نبي أو داعٍ للتوحيد، حرفياً منذ اليوم الأول، دون الطلب من الناس سقي العطشى وإطعام الجياع، وتوفير المأوى للمشردين، ودمج الأيتام والأرامل، وإيواء عابر السبيل، والترحيب بالمهاجرين والبدء بالأقرباء المقربين اولاً، وأضاف الإسلام إلى هذه القائمة الدعم المادي والاندماج الاجتماعي للأسير وتحرير العبد وإثرائه.