13 سبتمبر 2025

تسجيل

أن تكون عربياً

29 مارس 2022

أن تكون عربياً يعني أن تكون عطوفاً.. رحوماً.. مهتماً بالقضايا المعاصرة.. مشفقاً على غيرك.. قلقا حول مصيرك.. فخوراً بما صبرت عليه وبما ستصبر عليه! أن تكون عربياً يعني أن تشعر بإخوتك وانتمائك بشكل أو بآخر بأفراد الدول العربية جميعهم، وإن تخالفت حكومة دولتك مع دولة أحد منهم (وما أكثر وقوع هذه الحالة!). أن تكون عربياً معناه أن تشعر بذاك الحبل الخفي بينك وبين أبناء الدول العربية، فتقول للعراقي عندما تراه في لندن: (يؤسفني ما حصل في العراق). وتقول للسوري عندما تركب سيارته في برلين: (لقد زرت سوريا وأنا صغير.. وأحببتها). وتقابل اليمني في السوق فتشد على يده محبة وتقديراً. وتعمل مع الليبي وتواسيه رغم أنك حتى الآن لا تفهم على وجه التأكيد ماذا حصل ويحصل في طرابلس! أن تكون عربياً يعني أن تفهم الحرب والسلام حتى وإن لم تعش الحرب فعلاً! لأنك منذ وُلدت وفي فمك ملعقة السلام وسكينة الحرب. تُصبح على أخبار الحرب والمقاومة، وتُمسي على أمنيات الهدنات والسلام. أن تكون عربياً يعني ألا تُصدم من الحرب الروسية الأوكرانية وألا تتعجب منها، وإن كانت أسباب قيامها وحيثياتها ووقت انتهائها من حكايات المجالس والمقاهي في الدول العربية، فكل عربي محلل سياسي نظراً للخبرات الطويلة في الحرب والسلام في هذه المنطقة من العالم! أن تكون عربياً يعني ألا تستغرب من نفاق وردة فعل العالم- خاصة الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية- اتجاه الحرب في أوكرانيا بالمقارنة بالحرب في سوريا أو العراق أو اليمن أو أفغانستان. فمن يُقتل في أوكرانيا أوروبيين.. بيض.. شقر.. مسيحين.. ومن يُقتل في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان.. ليسوا كذلك! وهم في النهاية بعيدون عن العين وبعيدون عن القلب! أن تكون عربياً يعني أن تعرف ماذا يعني أن تكون عربياً! أن تعرف بأن الرجل الأبيض مُقدر أكثر منك في بلدك وبلده! أن تعرف بأن العالم ينظر إلى الحروب في البلدان العربية "كنزاعات" لا حروب، وكفترات هدنات لا سلام دائم. أن تعرف بأن الإعلام المستقل والمحايد الذي تتشدق به الدول الغربية يُصبح "أقل" استقلالاً وأقل حياداً عندما يتعلق الأمر بالحرب في دولة أوروبية! أن تكون عربياً يعني أن تعرف أنك تعيش في منطقة صراعات داخلية وخارجية.. كل طرف فيها لا يهتم بالضحايا والكوارث الناتجة عن هذه الصراعات بقدر اهتمامهم بالغنائم الناتجة عنها! أن تكون عربياً يعني أن تصبر وتصبر وتصبر حتى لا يتحمل الصبر صبرك! وبعد كل ذلك يتم مطالبتك بأن تكون إنساناً وأن تشعر "بغيرك" كما تشعر بنفسك!