16 سبتمبر 2025
تسجيلالدكتور لم يتذكرني أبدا، ولا أظنه تذكر أيا من تلك الأيدي التي امتدت بهمة، ورفعته عاليا في ذلك اليوم وهو يهتف في المظاهرة. كان وجهي عاديا مثل أي وجه، واسمي عاديا مثل أي اسم آخر، وبالنسبة له كان الأمر سيكون عاديا أيضا وأنسى وجهه، وأنني كنت قريبا من أنفاسه، في وقت ما لولا أنهم رددوا اسمه كثيرا، بعد أن دخلت المستشفى، وبالطبع أو من شبه المستحيل، أن تجد شخصا آخر باسم ستالين، والحقيقة حتى شخصا واحدا فقط في البلاد كلها، لولا أن ابن عبد الباقي، كان اسمه ستالين. هل تذكرتني؟ كنت أسأله، ويداه تعملان بخفة، وبلا أي رعشة أو تردد، لتحشرا أنبوبا مطاطيا غليظا بعض الشيء في مجرى البول، وأشعر براحة عظيمة، والسائل الملعون الأصفر يتدفق خارجا، ليستقر في كيس من البلاستيك السميك موصل بالأنبوب. أسأله بعد أن كتمت آهة ارتياح، كادت أن تفر من حلقي، أسأله وأعلم أنه لن يتذكرني قط من صفتي الإنسانية، ولكن قد يتذكر صفتي الرسمية، والوزراء في أي زمان ومكان، تملأ صورهم الصحف، لكن الدكتور ستالين كان ماكرا جدا ولعينا جدا، وأشبه بالذي يقسم على غياب الشمس، في وجودها الكامل، إن صح التعبير، قال: لا والله لم أتذكرك. كان مكره غير منطقي، وهناك مكر فيه رائحة منطق، ذلك أن الممرضة التي ركضت في الممرات كان تردد صفتي، والمدير الإداري لجناح كبار المرضى، ردد الصفة أيضا، والطبيب الصغير الذي ارتبك وخرج من الغرفة وعاد برفقة الدكتور ستالين من المؤكد أخبره بوجود وزير يتألم في عيادته. هتفت زوجتي ليز من خلف ستارة الفحص، وأحس بأنها غاضبة أو متوترة، أو تهيجت غدتها الدرقية، أو تعاني من واحدة من نوبات صداع الشقيقة، الذي يفاجئها في وقت الأزمات دائما: ألا تعرف الأستاذ جمعة راضي وزير الثقافة؟ رد الدكتور فورا، كأنما كان الرد عالقا في المسافة بين حلقه والفراغ، ولم يبد مندهشا، أو يحس بأسف: المعذرة، لا أفهم في الثقافة كثيرا ولا أتابعها.