29 أكتوبر 2025
تسجيلهناك حكاية فرنسية شهيرة تقول، إن قائد الشرطة أخبر الجنرال شارل ديغول بأنه ألقى القبض على الفيلسوف جان بول سارتر، فأجابه على الفور أطلقوا سراحه إنكم تعتقلون فرنسا؟! يحيل ادوارد سعيد المثقف أو المفكر في "صور تمثيل المثقّف" (Representations of the Intellectual)، إلى تعريفين متعارضين ويعتبران من أشهر تعريفات القرن العشرين: الأول للمناضل الايطالي والصحفي والفيلسوف انطونيو غرامشي في تعريفه “إن جميع النّاس مفكرون” ولكن وظيفة المثقف أو المفكّر في المجتمع لا يقوم بها كلّ النّاس.ووظيفة المثقف عند غرامشي تنقسم أيضا إلى قسمين: المثقّفون التّقليديّون ويضمّ الأوّل الكهنة، المعلّمين والإداريين الذين يقومون بنفس وظيفة التّفكير غير المتجدّدة، أمّا الثّاني فهم المرتبطون ارتباطا مباشرا بالطّبقات التي تستخدم المثقّفين في تنظيم مصالحها واكتساب مزيد من السّلطة والرّقابة. أمّا التّعريف الآخر للمثقف، هو تعريف جوليان بندا إذ يعتبر أنّ المثقّفين عصبة ضئيلة من الملوك الفلاسفة من ذوي القدرات أو المواهب الفائقة والأخلاق الرّفيعة” وهم يشكّلون “طبقة العلماء والمتعلّمين البالغي النّدرة نظرا لما ينادون به ويدافعون عنه من قضايا الحقّ والعدل. ادوارد سعيد من جانبه يؤمن، بأنّ المثقّف الحقّ لا يمثّل أحدا بل يمثّل مبادئ كونيّة مشتركة لا تنازل عنها، فهو يمثّل نبض الجماهير وهو لا يقبل بأنصاف حلول أو أنصاف الحقيقة، هو الشّخص الذي يواجه القوّة بخطاب الحقّ ويصرّ على أنّ وظيفته هي أن يجبر نفسه ومريديه بالحقيقة، هو المثقّف “المقاوم”، يقاوم بفكره ونشاطه هيمنة السّلطة السّائدة بمختلف أنماطها الماديّة والاجتماعيّة والسّياسيّة التي تحتكر البنية الفوقيّة للمجتمع والسّياسة. يقول إدغار موران: إنّ جميع الفنون أبدعت وأنتجت روائع، إلا السياسة، فقد خلّفت مسوخاً، ومقولة مورن هي الأقرب وصفا إلى حال الثقافة والمثقفين في العالم العربي، فلا يوجد هناك فيلسوف واحد تستطيع أن تشير إليه وتقول انه يمثل العالم العربي كما هو الحال مع ديجول وجان بول سارتر؟!