12 سبتمبر 2025

تسجيل

احتكار

28 ديسمبر 2021

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ احتكر على المسلمين طعامهم لم يمت حتى يضربه الله بالجذام أو الإفلاس).إن الاحتكار شأنٌ قديم، وقد حذر الشرع منه لما فيه من مضرة على المجتمع والأفراد، ولهذا شدد الشرع في هذا الجانب، وإن جميع مقاصد الشريعة وتعاليمها هي واقعة في مصلحة عامة الناس لتحفظ لهم حقوقهم وأموالهم وتحقيق العدل فيها. وإن ما نشهده مُنذ فترة من احتكار بعض السلع أو تعمد العمل على شح المُنتج من السوق ليتم رفع سعره على المُستهلك هو ما نهى عنه الشرع بالتمام. كما أن منع مُنتج لمصلحة مُنتج آخر فيه ضرر للتاجر الأول وفيه إجبار للمُستهلك على استخدام المُنتج البديل وهذا من الإضرار المُتعمد بالفرد بتحديد مُنتج للشراء وبالقيمة التي يُحددها!.فما هيّ الآلية التي تكبح جماح التاجر الذي يبحث عن الربح السريع بطرق غير سوية وبمحاربة الناس في قوتهم؟. أولاً: الشأن الديني إن من يتحرى الحلال أو تجنب الشبهات في قوته وقوت أبنائه، فهو بلا شك سيكون بعيداً كُل البعد عن شأن الاحتكار، فالاحتكار ليس دليلاً على تفوق المُنتج أو جودته بل دليل على فشل التاجر في التسويق لتجارته فيستخدم البديل لإجبار العامة على الشراء منه وبالأسعار التي يُحددها وهذا ما قد يراه بعض التجار دون الاكتراث من عقوبة المُحتكر في الشرع. ثانياً: الحكومات إن من واجب الحكومات التصدي للتجار فيما يخص أساسيات الحياة التي تعني المجتمع وأفراده، كمشتقات الحليب، أغذية الرضع، العلاجات الدوائية والكثير من الأغذية الأساسية، وإن عدم تدخل الحكومة في هذا الشأن يكون سبباً في وجود خلل وعدم رضا في المجتمع، فبالتالي وجود تصرفات وأجواء سلبية تسود المجتمع مما يعوق التقدم المرجو لتلك المجتمعات وتقدمها. ثالثاً: المقاطعة هيّ سلاح الفرد والمجتمع ضد جشع التجار، وهو سلاح أثبت نجاحه، فالتاجر بالرغم من ثرائه واتساع تجارته فهو في النهاية يعتمد اعتماداً كُلياً على المُستهلك، فمقاطعة المُستهلك للسلعة تسبب خسائر فادحة مع طول مدة المقاطعة، أو قد تؤدي إلى سحب الوكيل الخارجي لوكالته من هذا التاجر، وهيّ الأمور التي تهدد ثراء التاجر فتجد الخضوع من التاجر خلال فترة قصيرة من المقاطعة، فهيّ علاقة مصلحة مُتبادلة ما بين التاجر والمُستهلك، فإن أصاب تلك المصلحة خلل يستطيع المُستهلك كبح جماح التاجر بالمقاطعة. أخيراً إن البركة في التجارة والمال تقع في اتخاذ السُبل المشروعة في المنافسة، وتوفير المنتج الذي يحتاجه أفراد المجتمع، وإن الاحتكار ما هو إلا نوع من نزع البركة في المال وكيف لا وهو يستخدم الطريق غير السوي في التربح.. هذا والله تعالى أعلم. bosuodaa@