11 سبتمبر 2025

تسجيل

الصدمة والمقاومة

28 ديسمبر 2016

الوضع في حلب أشبه بكارثة فاجعة ومروعة، تحولت فيها الى مدينة أشباح خاوية على عروشها، القصف دمر البنية التحتية عن بكرة ابيها، والبيوت تحولت الى انقاض وسقطت على رؤوس ساكنيها، مات عدد كبير منهم والاخرون تحولوا الى نازحين ومشردين يفترشون الحدود التركية السورية. لماذا كل ذلك يجري في حلب اليوم وما الرسالة التي يريد ان يوصلها النظام الدموي؟ الدكتور خالد عبدالجبار، اخصائي العلاج المعرفي السلوكي والطب النفسي في رسالته التي بعثها الي الاسبوع الماضي ردا على مقالي عن حلب، يشير الى ان هناك تشابها بين ما تقوم به الصدمة الكهربائية في غرف التعذيب وما يقوم به النظام في سوريا من شن حرب بلا هوادة على أهالي حلب، لتضع جميع السكان في حالة من الصدمة الجماعية، فتعمل الطلعات الجوية المكثفة بالقنابل المتساقطة والبراميل المتفجرة والعنف والتطهير الطائفي، كلها، من أجل الوصول لأهداف متعددة، منها تدمير المدينة بشكل تام رغبةً في محوها وإعادتها صفحة بيضاء أي إلى العصر الحجري، ومن ثم تطويع الأهالي للاستسلام وتهجيرهم والعمل على التغيير الديموغرافي المبني على الطائفية المقيتة.وعند مشاهدة تفاصيل الحرب بشكل مباشر عبر الـقنوات العالمية وإظهار دمار المدينة وكأنها ضربت بقنبلة نووية، فالغرض منه ايجاد نموذج توجيهي سلوكي لكل العالم. فالحرب نوع من الاستعراض للقوة العسكرية والتواصل الجماعي لروسيا مع العالم اجمع ورسالة من النظام السوري للمعارضين أن هذا هو مصيركم ان أصررتم على الثورة أو فكر فيها غيركم. إلا أن هذا الصدم المفرط، ولّد نتيجة غير متوقعة، وهي تعزيز عزيمة الناس على المقاومة، وتجذير معرفتهم لأسباب النصر. وبذلك ينمو نمط جديد من إعادة الإعمار وهو "إعادة إعمار الشعب" لتتعطل بذلك آلية الصدمة التي جاءت بها مدرسة شيكاغو على يد مؤسسها ميلتون فريدمان، حيث اثبتت التجارب ان وعي الشعوب واستمرار مقاومتها يفقد الصدمة فعاليتها ويُعيد الأمور إلى نصابها حتى ولو بعد حين.