29 أكتوبر 2025
تسجيلالوقوع في الخطأ سمة طبيعية من سمات الشخصية الإنسانية بوصفها البشري، إنها تخطئ وتصيب، وهذا شأن طبيعي، لكن غير الطبيعي — وهو ملاحظ بصفة ليست بالضئيلة — عدم الاعتذار عن الخطأ بل بعضهم يعتقد أن اللجاج والخصومة على الخطأ الذي وقع فيه أفضل من أن ينزل على رأي أخيه ومن ثم يعتذر إليه. ولقد انتقل هذا الخلق السييء من المحيط العام إلى المحيط العائلي؛ فقلما تجد زوجا يعتذر إلى زوجه عن خطأ أخطأه أو وقع فيه والعكس كذلك. مع أننا نؤمن بأن تفادي الوقوع في الخطأ أولى من الاعتذار. إن البعض يعتقد أن الاعتراف بالذنب أمر صعب ومستبعد؛ لأسباب يتوهم أنها تربوية، فهو يعتقد أن الاعتذار أمام الزوجة أو الأبناء يفقده درجة القوامة التي منحها الله له،وهذا خطأ. إن السبب الرئيس في هذه الحالة يعود إلى تقاليد نمطية متوارثة؛ لم تتنور بما شاع من علم ودين، أو بما بدأ ينتشر من وعي في مجتمعنا. فما زال المخطئ يخطئ، ثم يخطئ، ولا يزال — أباً كان أو أماً أو أخاً كبيراً — متحفظاً بتلك الصفات (الاجتماعية) التي تعطي (المخطئ) حصانة اجتماعية ضد النقد. هذا في الدور الاجتماعي، ناهيك عن الأدوار الأخرى في الحياة والتي تعطى انطباعا مرا عن ذهنية الحياة الاجتماعية في الشرق. وسبب آخر لهذه الظاهرة هو عدم تربية الناشئة في الصغر عليه، والتربية هنا لا تقف عند حد القول النظري بل ينبغي أن يرى الناشئة هذا السلوك أمامهم، يرى الناشئة أن المخطئ أبا أو أما أو أخا أو مدرسا أو طبيبا الكل في ميدانه إذا أخطأ اعتذر ؛ ساعتها تجد هذا السلوك يحيا من جديد. وسبب ثالث لعله أيضا من الأسباب التي أدت إلى اضمحلال وتضاؤل هذا الخلق، هو عدم التماس الأعذار من البعض، فتجد الأخ ربما يرهق نفسه وكأنه يحمل على ظهره جبلا ثقيلا ليرضي أخاه، مما يدفع البعض إلى تحمل مشقات المراوغة في الحديث عن الاعتذار الذي سيكلفه من الوقت والجهد الشيء الكثير قيل لي: قد أَسَاءَ فيكَ فلانٌ... وسكوتُ الفتى على الضيم عارُ قلتُ: قد جاءني فأَحْسَنَ عُذرا... دِيَةُ الذَّنبِ عندنا الاعتذار ولله در محمد بن زنجي البغدادي — إِذا اعتذرَ الصديقُ إِليكَ يوماً... من التقصيرِ عذرَ أخٍ مقرِّ — فصُنْهُ عن جفائكَ واعفُ عنه... فإِن الصفحَ تشمةُ كل حرِّ ومن قبله قال الشافعي — اقبلْ معاذيرَ من يأتيكَ معتذراً... إِن برَّ عندكَ فيما قال أو فجرا — لقد أعطاكَ من يرضيكَ طاهرُهُ... وقد أجلكَ من يعصيكَ مستترا