15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يمكننا تعريف الشعبوية (Populism)على أنها أيدلوجيات ونشاطات سياسية تستمد دعمها من قبل الشعب والناس العاديين من خارج المنظومة السياسية، بهدف تحقيق مطالبهم وأيضًا تطمين مخاوفهم المشتركة. كذلك الحركة الشعبوية تعادي النظام السياسي القائم ومؤسساته السياسية، وتعادي كذلك النخب، تعتمد الشعبوية على الديماغوجية واستمالة عواطف الجماهير في سبيل الحصول على تأييدهم، فهم يبسطون القضايا المعقدة ويطرحون حلولًا عاطفية أكثر من كونها عقلانية. الشعبوية ليست جديدة، فقد تواجدت في أوروبا بشكل واضح مع بدايات القرن العشرين، ففي أمريكا اللاتينية نرى صعود قادة شعبويين مثل خوان بيرون في الأرجنتين في أربعينيات القرن الماضي، وهوغو شافيز في فنزويلا وهنالك أيضًا ألبرتو فوجيموري رئيس البيرو السابق. أما في القارة الأوروبية فتبنت الثورة البلشفية بقيادة لينين ومن ثم ستالين الحركة الشعبوية، وتصاعد نفوذ الشعبويين في ألمانيا أفرز فوز أدولف هتلر ونمو الحركة النازية. اليوم التاريخ يعيد نفسه في أوروبا والولايات المتحدة كذلك، مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتصويت Brexit وكذلك فوز الرئيس المنتخب الأمريكي دونالد ترامب، وتعد فرنسا هي المحطة القادمة للشعبويين، أن فازت زعيمة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبان بالانتخابات.إن صعود الشعبوية يهدد الوضع الذي بنيت عليه الديمقراطيات والمؤسسات تلك، فهو يهدد "الديمقراطية الليبرالية"، والمؤسسات والاتحادات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي وتعادي الشعبوية الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية NAFTA، وتعادي النظام الاقتصادي الرأسمالي، علاوة على ذلك يمكننا القول إن الشعبوية هي ردة فعل على العولمة وتأثيرها على الفرد بتبعاتها السلبية مثل ارتفاع البطالة وهروب الوظائف إلى دول أخرى، بالإضافة إلى مشكلة المهاجرين واختلال التركيبة السكانية لتلك الدول، أي يمكن اختصار أسباب تنامي الشعبوية إلى أسباب اقتصادية - اجتماعية وأخرى تتعلق بغياب الثقة في الأنظمة السياسية الحالية. رغم أن كل هؤلاء الشعبويين اليوم وصلوا إلى السلطة من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة، إلا أن المشكلة لا تكمن في القيادات السياسية الشعبوية، ومن هنا فإن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات وصناديق اقتراع. مشكلة الشعبوية اليوم تكمن في انعكاساتها الخطيرة على الأقليات في تلك الدولة وتصاعد اللهجة العدائية والمتطرفة ضدهم، بالإضافة إلى التبعات السلبية الممكنة على الاقتصاد العالمي في ظل محاولات الانكفاء ومناهضة العولمة. نحن أمام تحديات عالمية جمة، تحتاج إلى سياسات مستدامة تستطيع بناء مجتمعات قادرة على التعايش مع نفسها، ومع غيرها من المجتمعات.