14 سبتمبر 2025
تسجيلبعد وجبة تصفيق منتظمة وحماسية كان الصراخ يدوّي (جيـ ..هاد) تحية لفريق ريفي يستحق التحية، هو فريق الجهاد من القامشلي، وفي مدرجٍ وحيد في الجهة الغربية. في تلك البلدة الصغيرة التي كانت تضع نجوم الكرة جانب أطبائها المشهورين، كانت الصحف الرياضية تتحدث عن "سفير الشمال" الصاعد إلى الدرجة الأولى بعد مباراة فاصلة مع فريق حلبي.كانت كرة القدم هي ما تلتقي عليه أحياء المدينة الموزعة على الطوائف والملل والإثنيات العرقية، بعدما كتمت عقابيل الثمانينيات الصعبة كل نشاط ديني أو سياسي، وكانت الكرة في مدينة كالقامشلي وصفة اجتماعية سياسية، فنجومنا فيها يسجلون الأهداف ويذودون عن الحمى. لكنّ ميمو وهو لقب "روميو إسكندر" ظلّ تلك الفترة مرادفاً لصيحة "جي هاد"، اللاعب الوسيم الهداف، بأهدافه التي يسجّلها بالقدمين والرأس، وقدرته على اللعب القويّ والعنيف أحياناً. حمل اسم روميو ذي الدلالة الرومانسية معنى جديداً، حين استُبعد من تمثيل المنتخب، برغم أحقيته، وانتقاد أكثر من محلل رياضي لهذا الحيف، وهكذا حمل روميو مظلوميته مع مظلومية مدينة مهمّشة.طبّلت وسائل الإعلام لفيلم سوري جديد، نال جوائز وتقديراً في المهرجانات المختلفة، وحضرناه فور عرضه في حلب.. فيلم (التقرير) الذي يتحدث عن الفساد الذي طفح كيله في كلّ مكان في البلاد، وكان صوت الفيلم عالياً، ولكنّها جرأة التنفيس عن الناس، فقد زاد منسوب الفساد أضعافاً، ولم يعد أي "تقرير" يستطيع إيقاف التايتانيك السورية عن الغرق. لكنّ ما أثارنا أن "تقرير" عزمي بيك السيدا، وقع بين أقدام اللاعبين الذين هرسوا يده، عندما اتجه نحو الملعب، وطلب من الحكم إيقاف المباراة ليقرأ تقريره على المسؤولين.الملعب ملعب العباسيين أيام التارتان، والفريق الأول دمشقي، والثاني كأنه الجهاد، وهذا (ميمو) يتشاجر مع لاعب آخر، وبينهما عزمي السيدا. وخرجت مذهولاً: "معقول؟ ميمو هو الذي دعس التقرير قبل أن يصل إلى المسؤولين؟؟!!!...تناثر الأشخاص في بلاد الله الواسعة، وتغيرت الأمكنة كذلك، وبقيت الحكاية التي كانت فيها كرة القدم ملاذ المدينة نحو الحياة الحلوة.