10 سبتمبر 2025

تسجيل

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها

28 سبتمبر 2016

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق هو بيت لعمرو بن الأهتم التميمي أودعه أبو تمام في ديوان الحماسة، يخلص منه إلى أن السعة والضيق في الصدور لا في القصور ولا القبور، السعة يا سادة عنوانها: الأخلاق الحسنة، هي المشترك الإنساني من القيم والفضائل التي جبل الناس عليها ، ويكفيها علوا لشأنها وتمييزا لحالها، أن وصف بها الله نبيه بها: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" وجعلها النبي غاية رسالته: (إنما بعثت لأتمم حسن الأخلاق). تبدو قوة الأخلاق من العدم حين نختلف، وتظهر أدبياتها وتأثيراتها حين نغضب، ساعتها ينقسم الناس إلى قسمين: من يستخدم أخلاق القوة للنيل والكيد والمغالبة والفجور في الخصومة، فيطيح بكل القيم الأخلاقية لأدنى اختلاف، "إذا خاصم فجر". وآخر يستخدم قوة الأخلاق عفوا وحلما وصفحا حتى يهابه الناس صامتا أو متحدثا، ويأمنه الناس حضورا وغيابا سرا وعلانية، ذلك أن قوة الأخلاق ضبطت حركاته بميزان نبي: (لم يكن فاحشا، ولا متفحشا، و لا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح )تلك هي الأخلاق الراقية التي تسمو بالإنسان، فتُجمِّل طبائعه، وتُرَقِّي خُلُقَه، وتُـحسِّن صفاتِه،وتهذب سلوكه حتى يترقى بخلقه ليصل إلى منزلة العابد الصائم القائم كما أخبر سيد النبيين: "إن المؤمن لَيدركُ بحسن خلقه درجةَ الصائم القائم). بل يتجاوز ذلك حتى يكون المرشح الأقرب لنيل كرامة القربة من رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة – أحاسنَكم أخلاقـًا) وقد قال الإمام مالك: (( إن العبد لَيبلغُ بحسن خلقه أعلى درجة في الجنة، وهو غير عابد، ويبلغ بسوء خلقه أسفلَ درك في جهنم، وهو عابد)).قيل: ان رجلا خاصم الأحنف بن قيس وقال: "لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا" فقال له " لكنك ان قلت عشرا لم تسمع واحدة".وذكروا أن الربيع بن خثيم حينما سرقت فرسه وكانت تقدر بعشرين ألفا وقيل له: ادع الله على السارق فقال: "اللهم ان كان غنيا فاغفر له وان كان فقيرا فاغنه".إن قوة الأخلاق تغلب أخلاق القوة، حتى وإن بدت غريبة أو ضعيفة، "فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" وصاحب أخلاق القوة ضعيف وإن بدا في ثياب أهل القوة: "ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، قالها النبي صلى الله عليه وسلم تصحيحاً للمفاهيم المشوهة التي جعلت القوة غاية والأخلاق وسيلة، فوصفت قوي البدن عديم الخلق بالشديد، وهزيل البدن متين الخلق بالضعيف، وهذا خلط في غير محله. فالأخلاق غاية وقوة معا.