15 سبتمبر 2025

تسجيل

الحج بين المملكة وإيران

28 سبتمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مما لا شك فيه أن الحديث عن موسم الحج حديث متكرر والنقاش فيه كل سنة عندما يبدأ هذا الموسم، لكن حادث التدافع الذي تم في منى استوقفني كما هو حال الكثير، في الحقيقة أنني لا أجد نفسي في موقع المادح الذي لا يرى الأخطاء ولا أجد نفسي في موقع القادح الذي لا يرى أي نجاح تشكر عليه المملكة.قال صلى الله عليه وسلم: "ليس الخَبر كالمعاينة"، فنحن كمعتمرين وحجاج لبيت الله الحرام وزوار للمسجد النبوي شاهدنا ما تقدمه المملكة للحرمين من أعمال وإنشاءات وطرق وتسهيلات، وهذا بالمعاينة ولم يخبرنا أحد بذلك وعليه فإن المنُكر لتلك الأعمال إما جاهل أو حاقد، وفي المقابل نقول: ليس هناك كمال ومن الضروري أن يكون هناك قصور وهي طبيعة بشرية، ويمكن أن يحدث التقصير في بعض الجوانب وهو يحدث لا محالة، ولكن ما هو معلوم لدينا أن كل القصور والتقصير ليس بالمتعمد، لا يقول غير ذلك إلا أصحاب القلوب المريضة، وبما أن القصور ناتج فواجب على كل ناصح صادق أن يوجه ويرشد ويدل على هذا القصور، لكن ما هو مرفوض ما أقدمت عليه إيران من استغلال لحادثة التدافع في منى، وبث سمومها من خلال الحادثة، والتي تهدف إلى إظهار المملكة بمظهر المقصر الذي لا يستطيع إدارة وحماية المقدسات الإسلامية، ولا نقبل من إيران وأتباعها في المنطقة أن تستغل حادثة كهذه حتى تشوه صورة المملكة في الخارج وبين المسلمين، تحدث الكثير من أتباع النظام الإيراني عن عدم قدرة المملكة لإدارة موسم الحج، ونحن نُذكر إيران ومن دار في فلكها أن الإدارة السيئة هي المتمثلة في إدارتكم لبلدكم، حيث تتحدثون عن التنظيم والإدارة وأنتم أبسط الخدمات لم تقدموها لبلادكم، لن تستطيعوا حتى تنظيم الطرق عندكم، ولم تستطيعوا حتى تجاروا المملكة في تنظيمها وإدارتها لشؤون بلدها حيث القرى النائية لديهم تصلها كامل الخدمات.لا شك أن وفاة 796 في حادثة تدافع منى ليس بالأمر الهين على الجميع، ونحن كمخلصين نقول ونؤيد أي إجراء يحاسب المقصرين، وتلافي الأخطاء التي حدثت، وإننا ننتظر التحقيق في الحادثة التي تحوم حولها شكوك بأنها بفعل فاعل ومدبرة من قبل إيران، ولكن لن نستبق الأحداث ولكل حادث حديث ونعالج ما تمكن معالجته، يجب أن نسمع من الناجين من هذه الكارثة حتى تتضح لنا الصورة كما يروي أحدهم، وهو عبد الرحمن الجبرين الذي يقول: "كادت أن تكون هذه الحجة هي الأخيرة لي، كنت في بؤرة منطقة التكتل البشري الذي سبب تدافعاً أدى لوفاة المئات وإصابة مثلهم، وأنا هنا لست إعلاميا لأكتب تقريراً، لست شاكياً فأنا أعلم حرص قادة هذه البلاد على سلامة الحجاج وأعلم الجهود التي يبذلها رجال الأمن في الميدان، لكنها مشاهدات من قلب الحدث لعلها تفيد المسؤولين في تقويم العمل وتفادي الحوادث. ويكمل الجبرين حديثه ويقول: الحادث وقع في شارع 204، حيث إنه قبل أن أصل إليه لاحظت الكتل البشرية التي تموج فيه فحدثتني نفسي بالرجوع، ولكن واصلت حتى لاحظت سقوط كبار السن بسبب الإجهاد وخاصة أصحاب العربات، حينما اقتربت من شارع 233 بدأ الزحام يشتد وبدأت الناس تتساقط، حيث كان الناس يدخلون من شارع 233 إلى 204 وهذا زاد المشكلة، وقتها كان الناس يتعلقون بأسوار المخيمات ويصعدون فوق الخيام فراراً من الموت، حاولت الدخول لأكثر من مخيم من مخيمات الحجاج ولكن الحراس يمنعون دخول الناس وهذا ضاعف المأساة، وقد بلغ مني الإجهاد مبلغه واتجهت لمخيم قريب وفي غفلة من الحارس دخلت للمخيم فحاولوا منعي ولكن أصررت على الدخول ودخلت لغرفة الإدارة رميت بنفسي بجوار الباب أسترد أنفاسي وكان قد سبقني عجوزان تونسيتان يبدو عليهما الإجهاد وطالب من الكلية الأمنية منهك القوى، بعدما ارتحت كان الموظفون يمنعون دخول الناس فحدثت مدير المخيم المهندس أديب خوج عن المأساة فأبدى تفاعله، جزاه الله خيرا، فامتلأت الإدارة والممر الرئيسي بالحجاج وبذل هو وموظفوه جهودا طيبة في التخفيف عن الحجاج، بقي الوضع أكثر من ساعة قبل أن يحل وكان الرائد سعيد العمري يحاول جهده في استنفار طلاب الكلية وإبلاغ الجهات المختصة عن الحادث، في الساعة التاسعة والنصف ودعت المهندس أديب وشكرته لما خرجت لم أتمالك نفسي فبكيت شكرا لله على السلامة حينما رأيت الجثث الممددة والنقالات العديدة التي تنقل المصابين سرت باتجاه الجمرات والطريق مملوء بالمناظر التي تدمي القلب من الموتى، تقبلهم الله، والجرحى شفاهم الله، وعويل أقارب هؤلاء، كان الحضور لفرق الدفاع المدني والإسعاف وبقية القطاعات الأمنية كثيفا ولكن مباشرتهم للحادث تأخرت كثيرا رغم الاستغاثات التي وجهها الضابط المباشر للحادث الرائد سعيد العمري واستنفاره لجميع طلاب الكلية الأمنية القريبين من الموقع، من المؤسف أن كثيرا من المخيمات المجاورة للحدث تعاملت مع الحادث بسلبية، لاحظت قلة مخارج الطوارئ والمفترض وجود مخارج للطرق المجاورة بعد كل خمسين مترا تقريبا، العربات جزء كبير من المشكلة وأصحابها هم أكثر من تضرر ولو بحث عن حل لها كمسارات خاصة أو نحو ذلك لخف الوضع في مثل هذا الحادث، ذكر الطالب الذي رأيته مجهدا أن الحجاج دفعوه هو وزميله وأزالوا الحواجز ودخلوا بالقوة، فلو كانت هناك بوابات حصينة تقفل بها الشوارع أوتوماتيكيا لأراحت الأفراد ومنعت التجاوز.هذا شاهد عيان ننقل عنه، ومن خلال هؤلاء شهود العيان تعرف أين الخلل والتقصير، وتعرف كيف أن بعض الحجاج لا يلتزم بالتعليمات والتوجيهات، ولكن خاتمة الحديث لن نرضى بتشويه المملكة لمجرد التشويه، ولن نجامل عندما يكون هناك تقصير، لأن المخلص الناصح من أهدى إليك عيوبك.