15 سبتمبر 2025

تسجيل

رمضان والانتصار

14 مارس 2024

قال تعالى:»شَهرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلقُرءَانُ هُدى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰت مِّنَ ٱلهُدَىٰ وَٱلفُرقَان فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهرَ فَليَصُمه». يعد شهر رمضان من أفضل الشهور عند الله، وقت تميز بمزايا عديدة، حيث قذف حبّه في قلوب المسلمين في كل أصقاع الأرض ويفرحون بقدومه ويتجهزون لاستقباله، ففيه تزيد الطاعات ويعيش المسلمون في رحماته ونفحاته وتقوى فيه رابطة المجتمعات من زيارات وتهانٍ بقدومه… فهو ركن من أركان الإسلام، وفيه نزل القرآن الكريم وكان نبي الأمة صلى الله عليه وسلم يتدارسه مع جبريل -عليه السلام-، وفيه يقوم الناس ليله للعبادة والدعاء وطلب ما عند الله، فيه ليلة خير من ألف شهر يقول الله تعالى:»إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ». وهو أيضًا شهر الفتوحات والانتصارات لم يكن فقط شهر أكل ونوم، بل هو شهر عطاء وعمل لذلك كانت فيه الفتوحات الإسلامية ونذكر منها: _ غزوة بدر الكبرى، في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، كانت أولها، وقد سماها القرآن الكريم يوم الفرقان؛ لأن الله تعالى فرق فيه بين الحق وقيمه وبين الباطل وغروره، وهي أولى المعارك المهمة في التاريخ الإسلامي. _ وكان الفتح الأعظم في السنة الثامنة للهجرة وهو فتح مكة في العشرين من شهر رمضان المبارك، فكان نهاية لحقبة وبداية لأخرى في تاريخ مكة وأهلها، وفيه تم تحطيم الأصنام وانهاء عصر الوثنية في مكة ورفع راية التوحيد. _ وتم فتح الأندلس في الثامن والعشرين من رمضان في سنة 92 هـ بقيادة طارق بن زياد. بهزيمة لذريق ملك القوط في موقعة حاسمة تعرف بـ «موقعة البحيرة»، بعد أن استولى على مضيق جبل طارق وأحرق سفنه، وقال كلمته المشهورة: «البحر من ورائكم والعدو من أمامكم»، ثم تم بعدها فتح قرطبة وغرناطة وطليطلة العاصمة السياسية للأندلس. _في السادس من شهر رمضان عام 223 هـ، جهز الخليفة العباسي المعتصم بالله بن هارون الرشيد جيشا لحرب الروم استجابة للصرخة الشهيرة لإحدى النساء المسلمات (وامعتصماه)، عقب هجوم الإمبراطور البيزنطي ثيوفيلوس على ثغري ملاطية وزبطرة في دولة تركيا الحالية، وقيام جيش الإمبراطور بتخريبهما وأسر الكثير من النساء، فسار جيش المعتصم إلى مدينة عمورية وحاصرها إلى أن سقطت ودخلها المسلمون في السابع عشر من رمضان. _وفي سنة 658 هـ وقعت معركة عين جالوت في الخامس والعشرين من رمضان، حينما خرج السلطان سيف الدين قطز من مصر لملاقاة جيش المغول الذي كان قد أسقط بغداد عاصمة الخلافة العباسية قبل ذلك بعامين ودمرها وسيطر على أجزاء واسعة من بلاد الشام ودخل دمشق، فكانت معركة عين جالوت، وهي قرية بين بيسان ونابلس في فلسطين حاليا، حدث مفصلي، انتصر فيها المسلمون انتصارا ساحقا، وأدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي، وتم فيها توحيد مصر وبلاد الشام، وإنقاذ الإسلام والمسلمين من همجية المغول. في الختام لا يوجد عدوٌّ من أعداء الإسلام إلاَّ وحاربناه وانتصرنا عليه في رمضان؛ سواء كانوا مشركين أو صليبيين أو تتارًا أو فرسًا أو يهودًا، ولا يأتي رمضان إلاَّ ونتذكر هذه الانتصارات، وهذه نعمة عظيمة مَنَّ الله عز وجل بها علينا؛ لنظلَّ نتذكر الجهاد والانتصار إلى يوم القيامة….لذلك نسأل الله النصر لإخواننا في غزة وفي هذا الشهر الفضيل وأن يدكوا حصون هذا العدون الصهيوني،وأن يسقط جميع الرايات التي تسانده وتدعمه،ولن يتحقق ذلك إلا أن يكون لدينا الإيمان الخالص بنصر الله.