12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل تنظرون في هذه المشكلة يا مجلس القضاء؟

28 سبتمبر 2011

لم توضع القوانين منذ الأزل إلا من أجل ضبط سلوكيات البشر، والتحكم في أي مجتمع من شر الانزلاقات، ولكن مهما حاول الإنسان يظل بشراً قابلاً للخطأ والصواب، وعرضة للاهتزاز، وموازين العدل في الأرض لن تكون معتدلة مهما حاول النصف الشريف من البشر إيجاد العدالة على الأرض، هذا ما فكرت به وأنا استمع للمواطنة التي شكت لي ظروف ابنها الصعبة، ولا أخفيكم أنني صدمت جداً ليس بالقصة فقط بل بالحكم القضائي الذي صدر في حق ابنها، لأنني أعتبر أن مستوى القضاء في دولتنا عالٍ جداً، ويكفل الحقوق الإنسانية لمن يعيش في هذه الأرض بإنصاف وعدالة بإذن الله، ولكن قد حصل خطأ وخطأ صادم في حق شاب لم يتوقع أن غلطة صغيرة في مراهقته قد تكلفه حاضره ومستقبله. قالت المواطنة وباختصار: قبل ست سنوات، مرّ صديق لابنها بسيارة مجهولة، عندما سأله لمن هذه السيارة؟ أجاب: أنها لوالده، وتوالت الأحداث ليكتشف المراهق أن صديقه ومن معه سرقوا هذه السيارة ولكنه وجد نفسه في مشكلة معهم، وبلا رشد وتهور قرر المراهقون بعد اللهو بالسيارة إحراقها، ولكن كُشف الموضوع واقتيد المراهقون للشرطة، ولأن المراهق تجاوز الخامسة عشرة بشهرين فقط حولت القضية للنيابة عوضاً عن الأحدّاث، والد الشاب لم يهدأ أخرج ابنه بكفالة مرتفعة لابنه وأصدقائه الذين رفض ذووهم دفع الكفالة لهم، ومرّت 6 سنوات ركض خلفها والد الشاب في المحاكم لينتهي من هذه القصة، وخسر الكثير في الدفع للمحامي الذي تولى الموضوع، خلال الست سنوات أكمل الصبي حياته برغم الغلطة التي ارتكبها بطيش وجهل، وتخرج من الثانوية والجامعة وتوظف في جهة ما، طبعاً لأنه حاصل على شهادة حسن سير وسلوك، فهو خلوق هادئ الطباع، مسالم، وتحول من مراهق إلى شاب مثالي، ولكن وفجأة وبينما هو عائد من رحلة سياحية تم إلقاء القبض عليه في المطار، وكأنه مجرم، لم يتوقع هو أو أهله أن السبب هو الحكم عليه بسجن لمدة سنة بعد ست سنوات كاملة لغلطة في المراهقة، ولتتحول حياته فجأة من شاب مثالي مصاب بمرض في القلب إلى مجرم، انهار وتأزمت نفسيته وانهار والداه اللذان لم يصدقا هذا الحكم، وحاولا الاستئناف دون جدوى، وها هو الآن في السجن، يدفع ثمن غلطة في مراهقته! أسأل الآن: كيف يصدر حكم بعد ست سنوات كاملة، أليس هذا وقت طويل جداً على "جنحة" إن صح التعبير تعتبر بسيطة؟! لماذا لم يحاكم وقتها ويتم مراعاة سنه ويحاكم على هذا الأساس؟! أليست كارثة إنسانية أن يُحاكم على أساس أنه راشد؟! أليس من المفروض أن يحوّل إلى الأحداث إن كان لابد من ذلك؟! أليس من الظلم تحويل مستقبل لمواطن شاب حسن السيرة والسلوك من حياة مهنية وإنسانية مشرقة إلى مجرم يقبع في سجن مع من لا يتناسب معهم من المجرمين والمحكومين؟! كيف لم تراع ظروف القضية ووقتها ومرض الشاب؟! كيف تُلغى المصلحة الإنسانية التي تُثبت أن هذا الشاب صالح ولم يرتكب أي جرم قبل وبعد تلك الحادثة؟!! هل شهران بعد الخامسة عشرة عذر مقبول بمنطق الحق والوعي لتكبد شاباً سنة كاملة في السجن؟! هل تساءل القاضي كيف سيكمل حياته بعد الخروج من السجن؟! هل سيعود لعمله كما كان؟! أليس هذا الحكم سيحول شاباً منتجاً إلى عالة على مجتمعه وأهله ووطنه؟! حاولت أسرة هذا الشاب أن تجد أجوبة لكل هذه الأسئلة التي أبكتهم وأحرقتهم أن يطرقوا جميع الأبواب، وجميعها مغلقة لأن لا أحد يهتم! أو يعي حجم الألم الذي يعيشه الشاب وأهله!. قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح.. ما حصل لهذا الشاب كارثة إنسانية مسؤول عنها القضاء ولا أحد غيره، فنحن لسنا ملائكة، قد يتعرض أحد أبنائنا لها، ولكن قد يجد أحدنا واسطته أو وسيلته، ولكن هذا الشاب لم يجد سوى الجدران وكتاب الله الذي أغرق نفسه فيه لأنه يثق أن عدالة الله أسمى من عدالة البشر. لا حول ولا قوة إلا بالله. أتمنى أن يكون هناك رد من المجلس الأعلى للقضاء ففي النهاية جميعنا نريد مصلحة وطننا وشبابه.