15 سبتمبر 2025

تسجيل

252 "تذكّر وبادر لتنهض"

28 أغسطس 2012

إعادة استخدام الأشياء تبث فيها الحياة من جديد، خاصة أنها تحتاج لكلِّ ما يثبت لها قيمتها التي ولربما تكون قد فقدت رونقها في يوم من الأيام بسبب الانشغال بأمور أخرى لها مذاقها الخاص، ولها حسناتها التي تملك قدرة عالية على الجذب، وهو كلّ ما يأخذنا بعيداً عن سابقتها وإن كللتها بعض العيوب، التي قد يكون منها ما لا يمكن ملاحظته والفضل لـ (حالة الانجذاب الشديد) التي سننشغل بها فيما بعد ونحن أكثر سعادة مما كنا عليه، وأكثر ابتعاداً عن كلِّ ما سبق لنا وأن أحببناه من قبل، وهو ما يجعلنا نعيش لحظات يتقاسمها (القديم)، الذي له قيمته ولكنه يحتاج لمَن يتذكرها بين الحين والآخر، و(الجديد) الذي يملك قيمة يمكن بأن تتضاعف أكثر، وذلك بمزجها وكلّ ما كان من ذاك المدعو (قديم)، ولكن وللأسف فإن تحقيق ذلك لا يمكن بأن يكون بسهولة؛ لأنه يتطلّب رحلة طويلة تعتمد على الابتكار، وحكمة تمكننا من الخروج بالفائدة التي نحلم بها، وذلك عن طريق توفير كلّ الطرق التي ستحقّق لنا ذلك، تماماً كما ظهرت تلك الحكمة بشكلها العظيم حين تمّ تنفيذ مشروع (كتاب بكتاب)، الذي قام بتعاون جريدتنا الحبيبة (الشرق) ومؤسسة الحي الثقافي (كتارا) خلال شهر رمضان؛ ليخدم أكبر شريحة ممكنة من أفراد المجتمع، وبطريقة بسيطة ساهمت بتدوير المعرفة وخروجها عن حدود أصحابها، وهو ما قد وفّر لنا فرصة تناول الكتب وتداولها ضمن دائرة معرفية حقيقية، ساهم التنقّل فيها بتنوّع وتلوّن المعرفة وبأقل التكاليف، التي لم تتجاوز حدود مبادلة كتاب بآخر، ولكنها قدّمت لنا العديد من الكتب السخية بمعارفها، وغيرها من الكتب التي ولربما لا نُقبل عليها؛ تلبية لرغبة الأذواق، ولكننا فعلنا هذه المرّة؛ لتوافر ذاك المزيج الذي سعى إلى إرضاء ذائقة زوار المعرض، وحمل بين رفوفه مجموعة لا بأس بها من الكتب، تجبر كلّ كلّ مَن قام بزيارة المعرض على تقديم خالص الشكر وصادق التقدير عن هذه الجهود التي قدمت الكثير من الأرباح للجميع. وماذا بعد؟ إن الخروج بين الحين والآخر بفكرة هادفة تخدم أكبر قدر ممكن من الأفراد ضرورة لا بد أن نتفرغ لها وبشكل جماعي؛ لأن النتيجة مثمرة حتى وإن تطلب ظهورها كاملة وقتاً إضافياً، فالوقت لا يشكل عقبة حقيقيةً، وما يهم هو ما سيتحقق لنا فيما بعد، خاصة أن ما سنأخذه وفي المقابل أكبر بكثير، وهو تحديداً ما يدعونا للمطالبة بتوفير البيئة المناسبة التي تساعد على خلق أفكار جديدة ذات جودة عالية جداً ستُحدث الكثير من التغييرات المطلوبة، التي ستنقلنا (من) وستأخذنا (إلى) حيث ما نريد فعلاً، وما أريد التوقّف عليه في هذه اللحظة هو التأكيد على السبب الذي حثني على التحدّث عن هذا المشروع بعد كلّ هذه المدّة، وهو أني قد فرغت من قراءة الكتاب الذي خرجت به من المعرض وأنا سعيدة به سعادة لن تصفها الكلمات، التي وبرغم هروبها مني إلا أني رأيت ضرورة التحدّث عن موضوع، هذا المشروع وكلّ مشروع يمكن أن يطور الجميع وبأقل التكاليف الممكنة، والقصد من التطرّق إلى هذا الحديث هو التوجّه به لكلّ مَن يحمل في نفسه فكرة تستحق أن ترى النور، فلاشك أنها موجودة ولكن يحجبها الخوف، خاصة أن بيننا مَن يعتقد أن الأفكار الجيدة لا تجد لها مكاناً من الواقع وفيه، فيجد له من خلال هذا الاعتقاد منفذاً يساعده على الهروب بعيداً عن الواجب الذي ينادي بتقديم الجديد والمفيد له ولأفراد مجتمعه، ولكن الحقيقة هي أن هذا الاعتقاد لا يمت للواقع بصلة؛ لأن التطوير الذي نسعى إلى تحقيقه وتطبيقه بيننا يحتاج لمثل هذه المبادرات المُثرية، التي يتوجّب على أصحابها بذل الكثير من المحاولات في سبيل بلوغها، وإنها لدعوة صادقة منا نوجهها إليهم؛ كي يبادروا بما لديهم، ويتقدموا به فنخرج بعظيم تفخر به الإنسانية، وهو كلّ ما يمكن بأن نختم به هذه الكلمات هذا اليوم (تذكر واجبك، وبادر بفكرتك؛ لتنهض بنفسك وبمَن حولك).