11 سبتمبر 2025

تسجيل

معايير الاهتمام بالصحة

28 أغسطس 2012

أستسمح القراء عذرا لانقطاعي منذ العشر الأواخر من رمضان وأسأل الله أن يتقبل منا كل عمل صالح ويبارك لكم في كل أعيادكم ويجعلها عامرة بطاعته. وكنا بدأنا في مؤشرات الاهتمام بالصحة، والتي تعتبر من أساسيات بناء دولة متحضرة ومتطورة وفاعلة، وبدأناها بتأثير الأوبئة على الدولة كمؤشر أول على الاهتمام العام بالصحة وسنتبعها اليوم بمعيارين آخرين أساسيين: (2) ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻮﻓﻴﺎت ﺑﻴﻦ الأطفال إن انتشار الأوبئة في دولة ما، يدل على اهتمام أو عدم اهتمام الدولة بتوفير بيئة صحية وآمنة للناس، وبالذات توفير المصادر النقية للمياه النظيفة، وهذا ينعكس سلباً على حياة الأطفال، ويؤدي إلى ارتفاع نسبة الوفيات بينهم، وﻧﺴﺒﺔ اﻟﻮﻓﻴﺎت ﺑﻴﻦ اﻷﻃﻔﺎل أحد المعايير الرئيسة التي تقاس بها الصحة في دول العالم، فإذا كانت نسبة الوفيات بين الأطفال مرتفعة، فهذا مؤشر على أن الوضع الصحي متخلف، وإذا كانت نسبة الوفيات قليلة، فهذا يعني أن الوضع الصحي متطور . أنا أؤمن أن التقدم يحدث لكل المجالات في الدولة، وأن التخلف يصيب كل شيء فيها، والمقارنة التالية تكشف صدق ما أقول، ففي إفريقيا تبلغ نسبة وفاة الأم أثناء الولادة (1) لكل (16) بمعنى أم واحدة من كل (16) تموت أثناء الولادة، بينما في أمريكا تبلغ النسبة (1) لكل (٣٧٠٠) حالة ولادة، هل لاحظتم الفرق ..؟! فائدة: في دراسة أعدها البنك الدولي اتضح " أن معدل وفيات الأطفال يزيد بثلاثة أضعاف في الدول الأكثر فساداً عنه في الدول الأقل فساداً ". - تخفيض نسبة الوفيات بين الأطفال تشير التقارير الحديثة الصادرة عن منظمات الصحة العالمية إلى أن نسبة الوفيات بين الأطفال في القرن الإفريقي في ازدياد، مع أنه يمكننا تخفيض نسبة الوفيات بين الأطفال إلى (٥٠٪) إذا اتبع الناس إجراءات صحية سليمة مثل: * إبقاء الأطفال حديثي الولادة في مكان دافئ. * عدم تعريضهم للحرارة الشديدة أو البرودة الشديدة . * التشجيع على النظافة في المكان والجسم. * وجود قابلة ماهرة وممرضة متخصصة عند الولادة. ولا بد أن يكون هناك المزيد من الاستثمار في برامج المبادرات الصحية التي تسعى لضمان حصول الأمهات على المساعدات المهنية أثناء الولادة، لأن نسبة وفيات الأطفال كلما ارتفعت، فهذا يعين أن المجتمع يتجه نحو الشيخوخة. - معدلات وفيات الأطفال في العالم (2008)م في الدول العربية أنا أقول دائماً لا تنظروا إلى عدد المستشفيات ولا كثرة من يحملون الشهادات، ففي النهاية هناك معايير ونتائج ومؤشرات على أرض الواقع تعكس التطور أو التخلف، واحدة من هذه المعايير والمؤشرات: نسبة وفيات الأطفال، وهذه هي معدلات الدول العربية: * الإمارات (7) لكل (1000) طفل . * قطر (9,2) لكل (1000) طفل. * الكويت (9,4) لكل (1000) طفل. * البحرين (9,6) لكل (1000) طفل. * عمان (10,3) لكل (1000) طفل. * السعودية (18,4) لكل (1000) طفل. * مصر (19,8) لكل (1000) طفل. * لبنان (11,9) لكل (1000) طفل. * سوريا (14,3) لكل (1000) طفل. * ليبيا (15,3) لكل (1000) طفل. * الأردن (17) لكل (1000) طفل. * تونس (18,3) لكل (1000) طفل. * موريتانيا (19,8) لكل (1000) طفل. * المغرب (32,3) لكل (1000) طفل. * الجزائر (36) لكل (1000) طفل. - معدلات وفيات الأطفال في العالم (2008)م في بعض الدول الإسلامية * ماليزيا (5,9) لكل (1000) طفل * تركيا (19,8) لكل (1000) طفل * إندونيسيا (30,7) لكل (1000) طفل * باكستان (71,9) لكل (1000) طفل * إيران (94) لكل (1000) طفل * نيجيريا (95,8) لكل (1000) طفل نلاحظ أن ماليزيا من أفضل الدول الإسلامية على الإطلاق، وأن النسبة بلغت في الإمارات (7) لكل (1000) طفل، وهذا يعني أن القطاع الصحي تطور في الإمارات تطوراً ملحوظاً، بينما نجد أن هناك مشكلة حقيقة في إيران ونيجيريا، حيث تبلغ النسبة حوالي (١٠٪)، وأعتقد أن كل طفل نحميه داخل في باب إحياء النفس، الذي يقول الله تعالى فيه ( وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) وكذلك هو مساهمة عملية في بناء الحضارة. (3) ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ هذا مؤشر ثالث يُقاس به التطور الصحي في بلد معين، ونحن كمسلمين نعتقد أن الأعمار بيد الله تعالى، ولا نشكّ في ذلك، لكن الله تعالى جعل لذلك أسباباً، وديننا لا يمنع من الأخذ بالأسباب بل يحضّ عليها ويوجبها، ومن ذلك التداوي في حال المرض، يقول النبي ((تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْمَوْتَ وَالْهَرَمَ )) أحمد فلا يجوز في شريعة الإسلام أن ترمي بنفسك أمام سيارة بحجة أن الأعمار بيد الله تعالى، ولا يجوز كذلك أن تعرّض نفسك للأمراض وتقول الأعمار بيد الله تعالى، صحيح أن الأعمار بيد الله تعالى، ولكن هناك أسباب بيد البشر، وكلما طال عمر الإنسان عند الوفاة، وطالما أن الأطفال لا يموتون في الولادة أو الصغر، كان متوسط العمر أعلى. - معدلات متوسط الأعمار في دول الخليج العربي ومصر عام (١٩٥٠)م وعام 2008تشير الى أن متوسط الأعمار آخذ بالارتفاع، وهذا مؤشر إيجابي على أن الوضع الصحي يتطور ويتحسن بشكل كبير وملحوظ. " كلما ألفت الحياة الإسلامية أعجبت بقواعد حفظ الصحة العجيبة التي وضعها النبي ( للمؤمنين " د. شروف بيرون - كل انحراف عن منهج الله يقابله ابتلاء كلما انحرف الناس عن منهج تعالى، وخالفوا سننه الكونية، أصابهم البلاء والأمراض، وهذا ما يشير إليه حديث النبي (( .. لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا )) ابن ماجه وأكثر دولة ينطبق عليها هذا الحديث هي دولة " سوازيلاند " في إفريقيا، حيث نجد فيها حالياً أقل متوسط للأعمار ، إذ يبلغ (32) سنة فقط، والسبب هو الأمراض التي أصابتهم بسبب انحرافهم عن منهج الله تعالى، فهي نفس الدولة الأعلى في نسبة الإصابة بالإيدز، حيث وصلت نسبة الإصابة بالمرض إلى (٣٩٪)، وفقاً لــ (Global Shocking Facts) . وهناك سبب آخر لانتشار الأمراض في العالم وهو السمنة، حيث تقدّر أعداد المصابين بالسمنة في العالم (مليار وستمائة مليون) إنسان. - مبادرات لا إحصاءات وشعارات ليس هدفي أن أحشو عقول القرّاء بأرقام وإحصائيات ترهق أذهانهم، وإنما الهدف بعث الهمّة نحو العمل، والبدء بمشاريع عملية منتجة، تسهم بشكل فعال في بناء الحضارة، ويمكن الاطلاع على المشاريع المقترحة والمبادرات المطروحة، من خلال زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بمشروع التغيير الحضاري (www.change-project.org) في الموقع ستجدون مبادرات، واحدة منها متعلقة بتطوير الصحة في كل بلد، لذا أتمنى من المهتمين خاصة فئة الشباب أن يتفاعلوا مع هذه المبادرات، فمثلاً يقول الشباب السوداني: نحن الذين سنتولى مشروع تطوير الصحة في السودان لنرفع هذه المعدلات، وقِس على ذلك باقي المبادرات في كل المجالات. وأختم بهذه الجملة المضحكة والمعبرة في نفس الوقت للناقد الساخر مارك توين " توخ الحذر بشأن قراءة الكتب الصحية، فقد تموت من خطأ مطبعي".