17 سبتمبر 2025

تسجيل

تعزيز نمو الاقتصاد السعودي

28 أغسطس 2011

يبدو أن الاقتصاد السعودي على موعد ارتفاع مستوى النمو الاقتصادي في عام 2011 بالنظر لعدة تطورات تشمل محافظة الإنتاج النفطي، فضلاً عن أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة. كما هناك موضوع التأثيرات الإيجابية لزيادة النفقات العامة في إطار بعض القرارات الملكية.حديثاً فقط، كشف صندوق النقد الدولي عن توقعه بتسجيل الناتج المحلي الإجمالي السعودي نمواً قدره 6.5 في المائة في 2011 مقارنة مع 4.1 في المائة في 2010 فضلا عن 0.1 في المائة في 2009. الأرقام المشار إليها هي الحقيقة أي المعدلة لمتغير التضخم، مما يؤكد قدرة الاقتصاد السعودي في التكيف مع التداعيات السلبية للأزمات العالمية المختلفة وسط بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا. ويعتقد على نطاق واسع بأن متوسط أسعار النفط مرشح بأن يبلغ 107 دولارات للبرميل في 2011 مقابل نحو 100 دولار للبرميل في 2010.الإنتاج النفطيوحسب تقرير نشر حديثاً، بمقدور الميزانية السعودية تحقيق فائض في حال بلوغ متوسط سعر النفط 84 دولاراً في عام 2011. حقيقة القول: لم تكشف السعودية السعر المفترض للنفط لميزانية السنة الجارية لكن تتميز المملكة، كما هو الحال مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، بتبني أرقام محافظة للنفط. على سبيل المثال، افترضت قطر متوسط سعر قدره 50 دولاراً للبرميل للسنة المالية 2011 — 2012 والتي بدأت في أبريل.وتأتي ظاهرة بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبياً في ظل محافظة السعودية على إنتاجها النفطي المرتفع حيث يبلغ نحو 9 ملايين برميل يومياً. وعلى هذا الأساس، تعتبر السعودية ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد روسيا. لكن تتصدر المملكة قائمة الدول المصدرة للنفط الخام، نظراً إلى أن الغالبية العظمى من إنتاجها النفطي للتصدير.كما تتميز السعودية بأنها تستحوذ على نحو 20 في المائة من الاحتياطي العالمي المكتشف. بل تتمتع السعودية دون غيرها من الدول بالقدرة على زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط في حال وجود الحاجة الماسة لذلك.خطر التضخملكن لا يمكن للسعودية عدم الانتباه للتحذير الصادر من صندوق النقد الدولي، بارتفاع معدل التضخم وذلك على خلفية زيادة النفقات. ويقدر الصندوق بأن يبلغ متوسط التضخم حاجز 6 في المائة في 2011، وهي من المعدلات غير المشهورة تاريخياً في السعودية. وكانت اقتصاديات خليجية أخرى قد عانت من معضلة التضخم في 2007 والنصف الأول من 2008، ولكن ليس الاقتصاد السعودي.. يعد التضخم أكبر عدو لأي اقتصاد لأنه ينال من القدرة الشرائية للمستهلكين. بل يعد التضخم أكثر سوءاً من البطالة التي تنحصر تداعياتها السلبية بالعاطلين والمرتبطين معهم مثل الجهات الدائنة.. بكل تأكيد، مصدر التضخم هو التداعيات المرتبطة بزيادة النفقات العامة وتأثيراتها على توجهات القطاع الخاص والمستهلكين بشكل عام، وبالتالي النمو الاقتصادي. والإشارة هنا إلى توجيهات الملك عبدالله بن عبدالعزيز بصرف 130 مليار دولار على العديد من البرامج الاجتماعية من بناء مساكن جديدة فضلاً عن منح علاوات وتسهيلات متنوعة للمواطنين بغية تحسين رفاهية الشعب السعودي. لا يختص هذا المبلغ بعام 2011 لكن تمثل السنة الجارية انطلاق برنامج النفقات. يضاف هذا المبلغ للنفقات المقدرة للسنة المالية 2011 وقدرها 155 مليار دولار بزيادة 7 في المائة عن المخصصات الأصلية لعام 2010.الخطة الخمسية التاسعةوبات في حكم المؤكد أن الجهات الرسمية سوف ترفع من حجم الأموال المرصودة لخطة التنمية التاسعة التي تغطي الفترة ما بين 2010 حتى 2014. وكانت السلطات قد خصصت مبلغا قدره 385 مليار دولار للخطة الخمسية الجديدة بزيادة قدرها 67 في المائة عن الخطة السابقة. ويلاحظ أن مجموع 155 مليار دولار و130 مليار دولار وبالتالي 285 مليار دولار تساوي نحو ثلاثة أرباع مخصصات خطة التنمية التاسعة في السعودية للفترة ما بين 2010 حتى 2014.. ومن شأن زيادة النفقات المساهمة في معالجة معضلة البطالة التي تبلغ نحو 10 في المائة استناداً لآخر الإحصاءات الرسمية المتوافرة. يبلغ عدد العاطلين في السعودية أقل من نصف مليون فرد جلهم من الإناث، الأمر الذي يحرم الاقتصاد السعودي من الاستفادة من إمكانيات الإناث بعد نيلهن آخر ما توصل إليه العلم الحديث.تحسين الترتيب الدوليمن جملة الإيجابيات، يتوقع أن تسهم مسألة تعزيز النفقات العامة بتحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في جعل الاقتصاد السعودي من بين أفضل 10 اقتصاديات جذباً أو تنافسية في العالم. فحسب تقرير التنافسية الاقتصادية لعام 2010 ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، تحتل السعودية المرتبة رقم 21 دولياً على قائمة أكثر الاقتصادات تنافسية في العالم. وحسب التقرير، تحتل السعودية المرتبة الثانية بين الدول العربية والإسلامية على هذا المعيار بعد قطر، التي بدورها حلت في المرتبة رقم 17 على مستوى العالم في التقرير الأخير.إضافة إلى ذلك، يتوقع أن تسهم المصروفات العامة برفع مكانة الاقتصاد السعودي بالنسبة للمستثمرين المحليين منهم والدوليين. يشار إلى أن السعودية تتربع أصلا على عرش الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في منطقة غرب آسيا برمتها، وذلك استناداً لتقرير الاستثمار العالمي لعام 2011 الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). فقد بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية 28.1 مليار دولار في 2010 أي الأكبر بلا منازع لمنطقة غرب آسيا، التي تضم الإمارات وتركيا.باختصار، يعيش الاقتصاد السعودي عصراً ذهبياً، والشكر موصول بكل تأكيد للتطورات في القطاع النفطي. لكن مهما يكن من أمر، فالمطلوب محاربة التضخم في الوقت الذي يتم فيه تسجيل نمو لافت في الناتج المحلي الإجمالي لضمان عدم تسبب ارتفاع الأسعار في تعكير صفو الأداء المتميز للناتج المحلي الإجمالي.