17 سبتمبر 2025

تسجيل

سد النهضة الأثيوبي بين الجذور التاريخية... والواقع الحالي (1-3)

28 يوليو 2020

سيطرت الخلافات على انطلاقة مفاوضات سد النهضة بين مصر وأثيوبيا والسودان وبحسب مراقبين فإن المحادثات لم تسفر عن أية نتيجة تُذكر، حيث وضعت مصر شروطا وصفتها بالثوابت لضمان جدّية المحادثات، بينما تعهدت أثيوبيا بالامتناع عن أي إجراء أحادي بملء السد لحين نهاية التفاوض والتوصل إلى اتفاق، في حين يأمل السودان بتجاوز الدول الثلاث العقبات الراهنة والتوصل إلى اتفاقية تعالج وتستوعب المسائل المتصلة بملء وتشغيل سد النهضة، وحيث أعلن السودان رفضه لأية خطوة أحادية من الجانب الأثيوبي قبل التوصل إلى اتفاق نهائي حول قواعد الملء الأول وتشغيل السَّد. وحيث تعتزم أثيوبيا ملء بحيرة السد كمرحلة أولى خلال موسم الأمطار في يوليو الحالي دون انتظار الاتفاق على حد تأكيدها، ويخشى كل من السودان ومصر من أن يحتجز الخزان الذي تبلغ طاقته الاستيعابية (74 مليار متر مكعب) إمدادات المياه الأساسية لنهر النيل، وحيث يعتبر نهر النيل السبب الرئيسي لنشوء الحضارة المصرية قبل آلاف السنين وفقًا لما جاء في سجلات المؤرخ اليوناني القديم (هيرودوت)، حيث تحولت الأراضي الصحراوية الجافة في مصر إلى أراض خصبة بسبب تشكل رواسب الطمي على طول ضفاف نهر النيل ممَّا أدى ذلك إلى نمو الحضارة المصرية القديمة، ويتمثل ذلك في زراعة القمح، والكتان، والبردي على طول ضفاف نهر النيل، وحيث ارتبط الفيضان بطقوس شبه مقدسة في مصر الفرعونية، وحيث كانوا يقيمون احتفالات (وفاء النيل) ابتهاجًا بالفيضان، وحيث يرى هذا جليًّا بتسجيل الاحتفالات في صورة نحت على جدران معابدهم ومقابرهم والأهرامات أيضًا، وذلك لبيان مدى تقديسهم للفيضان، وحيث ذكرت الكتب السماوية المقدسة (الإنجيل والقرآن) قصة نبي الله يوسف عليه السلام مع أحد فراعنة مصر حينما قام بتأويل حلمه حول السنابل السبع والبقرات السبع، ممَّا ساهم في حماية مصر من مخاطر الفيضان في هذه الفترة لمدة سبع سنوات رخاءً، وسبع سنوات عجاف. وهناك شبه إجماع لدى العلماء على أنه من الصعب تحديد عمر نهر النيل بدقة، نظرًا لطوله وتعدد روافده وتشعبها، فالنيل الأبيض ينبع من رواندا، بينما ينبع النيل الأزرق من مرتفعات الهضبة الأثيوبية ويتحد النهران معًا عند العاصمة السودانية الخرطوم ليشكلا نهر النيل. وقد حاول فريق علمي متعدد الجنسيات من الباحثين والجيولوجيين الإجابة عن هذا السؤال وبعد سنوات من العمل ثم نشر نتيجة هذه الأبحاث في مجلة (نيتشرجيوساينس/ Nature Geoscience) العلمية البريطانية، وحسب الفريق العلمي فإن منبع النيل الأزرق من بحيرة تانا في مرتفعات الهضبة الأثيوبية ثابت منذ نحو (30) مليون سنة، وليس منذ (6) ملايين سنة، كما كانت تقديرات العلماء السابقة، وذلك من خلال التحليل الجيولوجي للرواسب الموجودة في منطقة النيل الأزرق، إلَّا أن بداية تراكم هذه الرواسب تعود لما قبل (30) مليون عام. ونهر النيل هو أطول أنهار الكرة الأرضية، ويقع في قارة إفريقيا، ويبلغ طوله (6670) كم2، وينساب إلى جهة الشمال، وله رافدان رئيسين (النيل الأبيض، والنيل الأزرق)، وحيث يغطي حوض النيل مساحة (304) ملايين كم2، ويمر مساره بإحدى عشرة دولة إفريقية، يطلق عليها (دول حوض النيل)، وهذه الدول هي: (أوغندا – وأثيوبيا – وبوروندي – وتانزانيا – والكنغو الديمقراطية – ورواندا – وكنينا – وجنوب السودان – ومصر – وأريتريا بصفة مراقب). آخر كلمة: هذا اليوم يُصادف يوم (7) من شهر ذي الحجة، وهو اليوم السابع من أيام العشر المباركة من شهر ذي الحجة استعدادًا لاستقبال عيد الأضحى المبارك في العاشر من هذا الشهر الفضيل شهر موسم الحج وفريضة الحج وأعمال نسك الحج، والذي جاء هذا العام كما نعلم جميعًا في تعطيل قدوم الملايين من المسلمين إلى البقاع المقدسة في مكة والمدينة المنورة بسبب جائحة فيروس كورونا كوفيد 19، ولعلَّ من فضائل أعمال هذه الأيام العشر المباركة (نحر الأضاحي) تقرُّبًا لله الواحد القهار، والذي حث المؤمنين المتقين على إحياء هذه الشعيرة، وهي (نحر الأضاحي) بقوله سبحانه وتعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [سورة الكوثر:1-2]، وقال تعالى في الآية الأخرى: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [سورة الحج:37]. لذا أهيب بالجميع بالمساهمة والمشاركة في إحياء هذه الشعيرة ودعم الهيئات والجمعيات والمؤسسات الخيرية في العالم العربي والإسلامي والتي تشرف عليها جمعية قطر الخيرية والتي قامت بنشر جدول هذه الأضاحي وأسعارها في هذه الدول الإسلامية والعربية عبر الصحف اليومية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي تحث وترغِّب وتهيب الجميع في إحياء هذه الشعيرة دعمًا لإخواننا المسلمين في كثير من بقاع العالم وشعوبه، حيث إنهم في أمس الحاجة إلى مثل هذه الأضاحي، لندخل على نفوسهم وقلوبهم الفرحة والبهجة والسرور في مشاركة إخوانهم المسلمين في الاحتفال بعيد الأضحى المبارك وأيامه المباركة. إن مساهمتنا جميعًا في إحياء هذه الشعيرة أفرادًا وأُسرًا وهيئات وجماعات هو دليل عنوان نحو صدق إيماننا، ورقي إنسانيتنا في أن نكون جميعًا كالجسد الواحد، نرفع شعار الأخوة والمحبة لإخواننا المحتاجين من الفقراء والمساكين والأسر المتعففة والذين قد يكونون من الذين لا يقدرون على شراء اللحم طوال العام وينتظرون هذه المواسم المباركة ليجدوه ويأكلوه ويشعروا أن عندهم إخوة لهم يدعمونهم ويساعدونهم ويفرجوا عن همومهم وكروبهم في ظل هذه الحياة التي نحياها وخصوصًا في مثل هذه المواسم الخيرة المباركة.. مواسم الخير والبركة.. والرحمة والإيثار وليكن لنا من قول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول: ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) [صحيح البخاري]، منهج حياة وإيمان.. وعنوان محبة وإيثار.. والله من وراء القصد. [email protected]