14 سبتمبر 2025
تسجيلكان السحر أيضاً أحد الأسلحة التي استخدمها كفار قريش في التشكيك بنبوة نبينا محمد ﷺ في بداية دعوته لهم لعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام والأوثان، حيث أشار إليها القرآن الكريم في كثير من الآيات مثل قوله تعالى "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ" الآية 43 سورة سبأ، وقوله تعالى في آية أخرى "وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ" الآية 2 سورة القمر، وقوله تعالى أيضاً "فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ" الآية 6 سورة الصف، وقوله تعالى أيضاً في شأن الوليد بن المغيرة وهو الذي وقف معانداً للحق محارباً لله ورسوله، وكما قال على لسانه وكما وصفتها الآيات في سورة المدثر "فَقَالَ إِنْ هَذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هَذَآ إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ" الآيات 24- 25 سورة المدثر، وقوله تعالى أيضاً "وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ" الآية 4 سورة ص.. وعندما ننتقل إلى عالمنا المعاصر في التعامل مع قضية الشياطين والسحر والسحرة، هذا العالم المعاصر الذي نعيشه بكل آفاقه وتقدمه في مجال التكنولوجيا وعالم السوشيال ميديا وما أحدثه الذكاء الاصطناعي في عالم السينما والخيال العلمي من إنتاج وإخراج أفلام سينمائية تحاكي هذا العالم الشيطاني بكل ما فيه من أفلام رعب.. ومصاصي الدماء.. وخيال عالم السحر والسحرة والتي تعرض حول العالم عبر الصالات السينمائية ويتهافت عليها المشاهدون بحثاً عن الإثارة والتشويق واستثارة لسيكولوجية الخوف والرعب من هذا العالم الغيبي الذي يتفنن فيه الممثلون والمخرجون والمنتجون لمثل هذه الأفلام، ولطالما كنت مولعاً بمثل هذه الأفلام التي عادة ما يعلن عن عرضها في دور السينما وصالات العرض، ولطالما كانت مؤثراتها أثناء عرضها سبباً في أن ترى وتسمع أصواتاً وخفقات من الصراخ والرعب، واحتباس لأنفاس الحاضرين أثناء عرض مشاهدها والتي تكون غالباً مصحوبة بمؤثرات عالية من الموسيقى التصويرية عبر المشاهد الدموية والمشاهد السحرية والحركات الشيطانية، وحيث تدر مثل هذه الأفلام المبالغ الفلكية للشركات المنتجة والتي طالما كانت كذلك. ويحضرني هنا فيلم يسمى "أنابيل ANABELLE" وهو يصور دمية طفلة تسكنها أرواح شريرة باعتبارها دمية ملعونة، حيث أنتج هذا الفيلم بعدد 4 أجزاء منه.. والحقيقة أن نظرك إلى هذه الدمية فقط أثناء عرض هذا الفيلم يثير فيك الخوف والرعب، فما بالك عندما تقوم هذه الدمية بروحها الشريرة للهجوم والافتراس والانقضاض على ضحاياها وهذا الفيلم من عدة أفلام رعب مشهورة في السينما العالمية وما أكثرها والقائمة منها طويلة.. وفي اعتقادي أن حقيقة عالم الشيطان والشياطين في هذا العالم الغيبي، كما ذكرته سابقاً، هو ما وضَّحَه الحق سبحانه وتعالى لنا نحن الإنسانية في هذا القرآن الكريم وعبر الآيات القرآنية التي أشارت لهذا الشيطان عبر كل وسائله وطرقه ودروبه وأسلحته في عداوته للإنسانية، وهذه الوسائل التي ذكرها الحق سبحانه وتعالى والتي أشرت إليها سابقاً هي مصدرنا الحقيقي للتعامل مع هذا العالم الغيبي وهذا ما نراه واضحاً وجلياً في قصة امرأة عمران أم مريم عليها السلام والتي ذكرها الله في هذه الآية "إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" الآيات 34 - 36 سورة آل عمران.. حيث يتجلى في هذه الآية إيمان امرأة عمران الراسخ، أم سيدتنا الطاهرة مريم عليها السلام أم نبينا عيسى ابن مريم عليه السلام، التي طلبت من الله هذا الطلب أن يكون هذا الشيطان بعيداً عن ذريتها الطاهرة المطهرة، لعلمها أن هذه الاستعاذة هي الحصن الحصين لوسوسة الشيطان وهمزاته ولمزاته في مسيرة هذه الذرية الطيبة الصالحة، وحيث استجاب الله لدعائها وبعدها لم يكن لمسألة الشيطان أثر بعد ذلك في مسيرة نبوة نبينا عيسى عليه السلام خلال حياته ومسيرته بين أصحابه وحوارييه.. ومن هنا كان أمر الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد ﷺ عبر مسيرته في الدعوة إلى الله ومواجهة ما يتعرض له من قومه المشركين من سفه وسحر وجنون أن يتعوذ دائماً وأبداً من همزات الشياطين ومن حضورهم لتأثيرهم الكبير في إعاقة وتعطيل وتشويه وتشويش لمسارات النبوة والهداية في هداية الناس إلى الطريق المستقيم.. وهذا ما أكدته الآية الكريمة "وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ" الآية 97 سورة المؤمنون. وللمقال بقية الأسبوع المقبل [email protected]